تستعد المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية لفتح تحقيقات موسعة داخل أقسام الصفقات العمومية والتقنية في أربعين ولاية وعمالة، وذلك على خلفية شبهات فساد تحيط بتمرير صفقات عمومية ضخمة، قدرت بملايين الدراهم، لفائدة مقاولات تربطها علاقات مشبوهة بموظفين نافذين.
ووفقا لمصادر مطلعة، فإن الإدارة المركزية استندت في تحركاتها إلى تقارير وشكايات كشفت تعرض ملفات عدد من المتنافسين على صفقات عمومية للإتلاف أو الإخفاء، بهدف تمهيد الطريق أمام شركات بعينها للفوز بها.
وتشير نفس المصادر إلى أن عددا من الموظفين البارزين في أقسام الصفقات قد تم استدعاؤهم بشكل عاجل للتحقيق، فيما يرتقب أن يشمل الاستماع أيضا مهندسين قدامى يعملون بالأقسام التقنية، وردت أسماؤهم في الشكايات.
التحقيقات، التي تجري في سرية تامة، جاءت عقب توصل وزارة الداخلية برسائل من مقاولين يدعون تعرضهم للإقصاء الممنهج من خلال التلاعب بالملفات والتوجيه المسبق للصفقات، حيث تشير التقارير الأولية إلى وجود مؤشرات قوية على استغلال بعض المسؤولين مواقعهم لتحويل الطلبيات العمومية إلى مشاريع مربحة، خارج الضوابط القانونية المعمول بها.
ووفق المعطيات نفسها، فقد طلبت الوزارة من بعض العمالات تقديم توضيحات حول تقارير وردت من مصالح “الشؤون الداخلية”، تتعلق بكيفية تدبير الصفقات وممارسات مشبوهة طالت مسؤولين كبارا، خصوصا في ما يتعلق بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وتضمنت ذات التقارير نتائج فحص وثائق عشرات الصفقات التي أثارت شبهات واسعة بسبب تمريرها في ظروف غير شفافة، ما أدى إلى تقديم شكايات من مقاولين متضررين إلى كل من وزارة الداخلية، والمجلس الأعلى للحسابات، واللجنة الوطنية للطلبيات العمومية.
ويرتقب أن تسفر هذه التحقيقات عن قرارات حاسمة قد تطيح برؤساء أقسام وموظفين كبار تورطوا في منح الأفضلية لمقاولات بعينها، في ما يبدو أنه نمط ممنهج من المحاباة والريع داخل منظومة الصفقات العمومية.