كشفت عمليات مراقبة جمركية دقيقة عن نشاط واسع النطاق لشبكات تهريب العملة الأجنبية، تنشط تحت غطاء قانوني وهمي يتمثل في النقل الطرقي والبحري، مستغلة ثغرات في إجراءات الاستيراد عبر موانئ كبرى بالمغرب، أبرزها ميناءا طنجة المتوسط والدار البيضاء.
ووفق مصادر مطلعة، فقد توصلت مصالح الجمارك بمعلومات وصفت بـ”الخطيرة”، تؤكد وجود تلاعبات ممنهجة بـ”مذكرات نقل” تخص شحنات بضائع مستوردة من أوروبا.
وأوضحت ذات المصادر أن عمليات الافتحاص والتدقيق رصدت فوارق صارخة بين التصريحات الجمركية للمستوردين المغاربة والمعطيات الحقيقية المضمنة في وثائق النقل، ما أثار الشكوك حول عمليات تضخيم متعمدة لفواتير الاستيراد، بهدف تبرير تحويلات مالية كبيرة بالعملة الصعبة نحو الخارج.
وتبين من خلال التحقيقات أن المواد المستوردة شملت أغذية مصنعة وأجهزة منزلية وأفرشة وقطع غيار سيارات، جرى التلاعب في فواتيرها بتواطؤ مع سماسرة ومكاتب استشارة أجنبية، خصوصًا في فرنسا، حيث سهلت هذه الجهات تمرير تحويلات مالية ضخمة عبر حسابات مصرفية فرعية باسم مغاربة مقيمين بالخارج، قبل سحبها نقدا من وكالات بنكية أغلبها في إسبانيا، في خطوة تهدف إلى غسل الأموال وتبييضها خارج القنوات القانونية.
وأوردت المصادر نفسها أن شركات نقل دولية شرعت مؤخرا في اعتماد معايير صارمة لمراقبة الوزن والجودة، عبر التعاقد مع مؤسسات متخصصة، الأمر الذي أدى إلى كشف التناقض الصارخ بين الكميات المصرح بها من طرف المستوردين المغاربة والمعطيات التقنية الفعلية للشحنات، كما وثقتها هذه الشركات.
وفي السياق ذاته، تجري حاليا تحريات دقيقة بشأن معاملات استيراد مشبوهة لشركات مغربية ورد اسمها في تبادل إلكتروني للمعطيات بين السلطات المغربية ونظيراتها الأوروبية، حيث يشتبه في علاقتها بشبكات دولية تنشط في غسل الأموال وتستغل شركات صورية بإسبانيا وفرنسا.
وتزامنا مع هذه التطورات، ذكرت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة المستوردين بضرورة التنسيق مع المزودين الأجانب لتضمين الرقم التعريفي الموحد للمقاولات (ICE) في الفواتير، كما دعت شركات النقل إلى تقديم وثائق تحتوي على هذا الرقم في إطار عمليات تدقيق دولية تروم كشف محاولات التلاعب بالإجراءات التجارية.
ولا تزال التحقيقات جارية، وسط ترقب لمزيد من الأسماء والشركات التي قد تطالها شبهة التورط في أكبر عملية تهريب عملة عبر الاستيراد في السنوات الأخيرة.
التعاليق (0)