يشهد المغرب في السنوات الأخيرة دينامية متصاعدة في مجال تثمين الموارد المائية غير التقليدية، تجسدت في توسيع وتنويع مشاريع تجميع مياه الأمطار وتعميمها على مختلف جهات المملكة، وهو ما أسهم في تحقيق نتائج ملموسة، أبرزها تقليص استهلاك المياه العذبة بنحو 30%، بفضل إنجاز 187 مشروعا من هذا النوع إلى غاية متم سنة 2025.
وحسب معطيات صادرة عن منصة “الما ديالنا” التابعة لوزارة التجهيز والماء، فقد شملت هذه المشاريع أقاليم متعددة من بينها تزنيت، أكادير، شتوكة أيت باها، تارودانت، شفشاون، السمارة، زاكورة، ورززات، كلميم، سيدي إفني، الرحامنة، آسفي، اليوسفية، تطوان، المضيق، الفنيدق، وخريبكة، حيث تم إنشاء 159 خزانا ومطفية، و23 منشأة لتجميع مياه الأمطار من الأسطح، إلى جانب 5 عتبات لتطعيم الفرشات المائية.
وفي سياق مواصلة هذه الجهود، يجري حاليا تنفيذ 103 مشاريع جديدة تشمل بناء 85 خزانا ومطفية إضافية، إلى جانب 15 منشأة لتجميع مياه الأسطح و3 عتبات لتطعيم الفرشات المائية، في إطار توسيع رقعة الاستفادة من هذه التجربة البيئية الرائدة.
وتهدف هذه المبادرات إلى استغلال مياه الأمطار في سقي المساحات الخضراء والاستعمالات المنزلية والمهنية، مع استثناء الأنشطة التي تتطلب مياها صالحة للشرب، وذلك وفق دراسات تقنية دقيقة تراعي الخصائص المناخية المحلية ومعايير التصميم والصيانة، لضمان أقصى مردودية ممكنة.
ويتم رصد حوالي 80 مليون درهم سنويا لهذه المشاريع التي تسهم في تعزيز الأمن المائي الوطني ومواكبة التحديات الناجمة عن التغيرات المناخية، عبر اعتماد حلول مبتكرة تقوم على تجميع المياه في خزانات ومطفيات ومنشآت نصف مطمورة، إضافة إلى مشاريع موجهة لتجميع مياه الأمطار من أسطح المؤسسات التعليمية في المناطق التي تعاني من محدودية الموارد السطحية والجوفية.
وعقب الانتهاء من الأشغال، تسلم هذه المنشآت إلى وكالات الأحواض المائية والجماعات الترابية المعنية لتتولى استغلالها وصيانتها الدورية، بما يضمن استمرارية المشاريع واستدامة مردودها البيئي والاجتماعي.
وبهذه الخطوات العملية، يواصل المغرب ترسيخ مقاربة جديدة في تدبير الندرة المائية، تقوم على الابتكار والتدبير الرشيد للموارد، بما يجعل من مياه الأمطار رافعة حقيقية لدعم التنمية المستدامة والتكيف مع التحولات المناخية.
