بوتين من قمة بريكس: النظام العالمي تغيّر والدول الصاعدة لن ترضى بالهيمنة الأمريكية

خارج الحدود

agadir24 – أكادير24

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في خطاب ألقاه أمام قمة “بريكس” المنعقدة في مدينة ريو دي جانيرو، أن العالم يشهد تحولات جذرية تضع حدًا لما وصفه بالنظام الأحادي القطب، مشيرًا إلى أن العولمة الليبرالية التي تقودها القوى الغربية لم تعد قادرة على مواكبة المتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية المتسارعة.

ووفق ما أوردته وكالة رويترز، فقد شدّد بوتين على أن “عملية تغيير النظام الاقتصادي العالمي تستمر في اكتساب الزخم”، داعيًا إلى تعزيز التبادل التجاري بين دول “بريكس” باستعمال العملات الوطنية بدلًا من الدولار.

عبّر بوتين عن قناعته بأن مجموعة “بريكس”، التي تجاوزت مجموعة السبع من حيث القوة الشرائية وعدد السكان، باتت اليوم محورًا استراتيجيًا قادرًا على إعادة تشكيل التوازن العالمي، وهو ما اعتبره ضرورة ملحة لبناء نظام أكثر عدالة وتعددية.

ووفق ما نقلته قناة RT بالعربية، فقد ألح الرئيس الروسي على ضرورة إنهاء احتكار المؤسسات المالية الغربية للقرار النقدي الدولي، معتبرًا أن التعاون بين دول “بريكس” يجب أن يتجاوز الحدود التقليدية ويشمل مجالات أوسع مثل الاقتصاد الرقمي والطاقة والبحث العلمي.

وفي هذا السياق، كشفت صحيفة El País الإسبانية أن خطاب بوتين يأتي في وقت حساس من الصراع العالمي على النفوذ، ويُقرأ على أنه رسالة موجهة إلى خصومه في الغرب، خصوصًا مع تعمق الشراكة الاستراتيجية بين موسكو وبكين. وأكدت الصحيفة أن الرئيس الروسي استثمر منبر القمة لإبراز الدور الجديد لـ”بريكس” ككتلة موازية قادرة على قلب معادلات القوة القديمة، خاصة عبر تعزيز استقلالية أعضائها عن الدولار والمؤسسات المالية الغربية.

واعتبرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن تصريحات بوتين لا تندرج فقط ضمن إطار دعائي، بل تعكس استراتيجية روسية طويلة الأمد تقوم على رفض النظام العالمي الذي فرضته واشنطن منذ نهاية الحرب الباردة. وأضافت الصحيفة أن ما يجمع دول “بريكس” اليوم ليس فقط الاقتصاد، بل أيضًا رؤية مشتركة لعالم متعدد الأقطاب، يتيح للجنوب العالمي هامش تحرك أوسع في العلاقات الدولية.

وأورد موقع Masrawy أن بوتين شدد على أن العجز الهيكلي الذي يعانيه النظام المالي الغربي لن يُحل من خلال الهيمنة بل من خلال إعادة هيكلة شاملة تأخذ بعين الاعتبار مصالح القوى الصاعدة. ودعا إلى إصلاح عميق لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي بما يسمح بتمثيل أكثر إنصافًا للدول النامية والناشئة.

وبحسب تحليلات نُشرت في Al Masry Al Youm وسكاي نيوز عربية، فإن موسكو تسعى لتوظيف دينامية “بريكس” لتقوية حضورها في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، عبر عرض نموذج اقتصادي بديل يقوم على الشراكة لا على التبعية. كما أشارت هذه التحليلات إلى أن استخدام العملات الوطنية في التبادل التجاري بين أعضاء “بريكس” قد يصبح واقعًا ملموسًا في السنوات المقبلة، ما من شأنه أن يزعزع هيمنة الدولار الأمريكي.

وأدرجت موسوعة ويكيبيديا (النسخة الإنجليزية) ضمن صفحتها الرسمية أن مجموعة “بريكس” باتت تُعرف بتوجهها نحو “المحافظة المالية”، ودعوتها إلى تحرير التجارة وتعزيز دور العملات البديلة، إضافة إلى مطالبها المتكررة بإصلاح هيكلي في المؤسسات العالمية بما يتناسب مع موازين القوى الجديدة.

وهكذا، يُعيد بوتين توجيه البوصلة الجيوسياسية نحو عالم أكثر تنوعًا، حيث لم تعد الهيمنة الغربية مسلّمة، ولم يعد الدولار هو المرجع الأوحد. ومع كل قمة، تعزز “بريكس” موقعها كفاعل دولي جديد يسعى لرسم ملامح نظام عالمي لا تفرضه المراكز القديمة، بل تصنعه التحالفات الجديدة.