بنكيران…العائد؟!

benkirane كُتّاب وآراء

انتهى المؤتمر التاسع لحزب العدالة والتنمية، وعاد بنكيران لقيادة الحزب في فترة انتخابية بامتياز. قد يقول البعض العبارة التالية في حديثه عن المؤتمر: “كما كان متوقعا، انتُخب عبد الإله بنكيران أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية” وقد يعلق البعض الآخر بعبارة “لم يحمل مؤتمر البيجيدي أي جديد، فعودة بنكيران كانت متوقعة”.

نعم…ستكثر الأحاديث والأقاويل، لكن مؤتمرات العدالة والتنمية، ليست خاضعة لا لمنطق “كما كان متوقعا”، ولا لمنطق “لم يحمل المؤتمر أي جديد”. والسبب بسيط هو أن المؤتمر سيد نفسه ولا شيء فيه متوقعا. وعودة بنكيران أمينا عاما للحزب، تم من خلال التصويت لفرز الشخصيات المؤهلة لقيادة الحزب التي لا يحق لها الترشح بمن فيهم بنكيران، ثم التداول في الأسماء المقترحة، لتمكين المؤتمرين من تكوين فكرة عن كل مرشح وحسم الاختيار. ثم بعد ذلك تأتي مرحلة الحسم بالتصويت من جديد وبشكل سري، لاختيار الأمين العام الجديد للجزب.

هذه المسطرة تجعل حتى أعضاء المؤتمر غير قادرين على توقع من سيكون الأمين العام الجديد. فالاقتراع السري لا يسمح بإطلاق العنان للتكهنات، وهو ما يجعل المؤتمر مفتوحا على جميع الاحتمالات، ومن بين هذه الاحتمالات عودة بنكيران.

الفترة التي سيتحمل فيها بنكيران مسؤولية قيادة الحزب، هي فترة انتخابية بامتياز. لذلك سيكون إعادة انتخاب بنكيران أمينا عاما للحزب، حدثا مؤثرا في الساحة السياسية. هناك من سيساند هذه العودة، ولكن…هناك من سيتوجس منها إن لم نقل سيتخوف منها.

عودة بنكيران فيها ارتياح للبعض، وفيها تخوف للبعض الآخر. فمن هو المرتاح ومن هو المتخوف؟

المتخوف الأول من عودة بنكيران، لا تُخطئه العين. إنه السيد عزيز أخنوش الذي يعرف جيدا أن حزب العدالة والتنمية بقيادة بنكيران، سيوجه مدفعيته السياسية اتجاه حزب الحمامة بقيادة عزيز أخنوش. هذا الأخير الذي يطمح لولاية ثانية على رأس الحكومة، يعرف جيدا أن العدالة والتنمية بقيادة بنكيران، يشكل تهديدا جديا لطموحه.

الأكيد أن حزب التجمع الوطني للأحرار بقيادة عزيز أخنوش، سيستحضر المعركة السياسية التي قادها بنكيران ضد حزب الأصالة والمعاصرة بقيادة إلياس العمري. والكل يعرف نتيجة هذا النزال: اختفى إلياس وبقي عبد الإله. هذا التاريخ سيكون حاضرا في الاستحقاقات المقبلة، وهو ما سيعَقِّد المهمة أمام رئيس حزب الحمامة، الذي بدأ التحضير لمستقبله السياسي بشكل مبَكِّر تخوفا من أي مفاجأة تحرمه من لقب ثاني رئيس حكومة، ينجح في الفوز برئاسة ثانية بعد بنكيران.

عودة بنكيران فيها ارتياح لعموم مناضلي الحزب، والأحزاب المعارِضة للحكومة، والقوى السياسية القريبة من حزب العدالة والتنمية، وربما حلفاءه السياسيين الذين خبروا التعامل والتعاون مع شخصية من طينة بنكيران. هذا الطيف من المناضلين والقوى السياسية عموما، يعرف جيدا أن النزال الانتخابي القادم، سيكون غير مسبوق، وسيعرف مكاشفة سياسية قد لا تكون في صالح حزب السيد رئيس الحكومة الحالية.

الحملة الانتخابية المقبلة، بدأت في وقت سابق لأوانها. وحزب العدالة والتنمية سيفتح الملفات المحرجة لرئيس حزب الأحرار، على رأسها تضارب المصالح والغلاء وفشل العديد من مشاريعه، وكذلك المتابعات الغير مسبوقة لمنتخبيه الذين تمت تزكيتهم من قبل السيد أخنوش. حزب الحمامة سيرد بدوره، في إطار الدفاع عن النفس، بملفات الفترة التي ترأس فيها عبد الإله بنكيران الحكومة. لكن أخنوش كان جزءا من حكومة بنكيران، وهو ما سيجعله فاقدا للسلاح السياسي لمواجهة مدافع بنكيران. هنا تكمن قوة الخطاب السياسي لحزب العدالة والتنمية، والضعف الموضوعي للخطاب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار. هكذا سيكون المشهد السياسي خلال الانتخابات القادمة.

بنكيران العائد، سيجعل من الانتخابات المقبلة، جد صعبة على أخنوش، وسيزيد من تعقيد متاعبه، وهو ما سيجعلها انتخابات قد تكون حبلى بالمفاجآت.          

التعاليق (0)

اترك تعليقاً