أن يغادر الإنسان موطنه الأصلي بإرادته وإختياره ، فهذا مايطلق عليه هجرة مهما كانت أسبابها ودوافعها، أو ما إذا كانت هجرة قانونية أو غير شرعية .
ولكن أن يجبر على مغادرة وطنه لعدم الإحساس بالأمن أو نتيحة الفوضى والإضطهاد فهو ما يطلق باللجوء ،هذا الأخير الذي عرفته المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة لهيئة اللأمم المتحدة للاجئين ، بأنه كل إجبار وإضطرار الى تغيير الموطن من دون إمكانية الرجوع إليه ، للأسباب صراعات عرقية أو سياسية أو انقلابات متوالية أو نتيحة لغياب الديمقراطية و حقوق الإنسان ، صراعات لم تكن للاجئ قدرة على مواجهتها سوى طلب اللجوء إما بشكل فردي أو جماعي .
حالات متعددة تعرفها القارة الإفريقية ولو بشكل متفاوت من بلد الى آخر ، بتفاوت مستوى الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان واختلاف مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
أقول حالات كثيرة تنفرد بها منطقة الغرب والساحل الإفريقي ،إما بسبب نشاط شبكات الهجرة السرية وعصابات الاتجار بالبشر، والتي تدعمها جماعات ارهابية وعصابات مسلحة مدعومة من طرف دولة أو أكثر والتي ترعى مختلف أنواع الجريمة المنظمة وحتى الاتجار في المساعات الإنسانية من قبيل الأغدية والخيام والأغطية والادوية الممنوحة من جمعيات دولية إنسانية ، بسبب فساد انظمة عسكرية لدول معروفة بدعمها للإنفصال والفوضى والانقلابات خدمة لأجندات دول هدفها السيطرة على ثروات العديد من دول افريقيا وممارسة وصايتها الاستعمارية عليها .
جماعات إرهابية وعصابات مسلحة أصبحت توجه سهامها نحو الدول المجاورة وهنا أشير للخطر الذي اضخى يتهدد بلدان شمال افريقيا ، بل تعداها الى اوروبا عبر عصابات الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر .
ساقتصر على هذه المقدمة، وإن أطلت عزيزي المتلقي لانتقل بكل الى تندوف وعلى امتداد مجال صحراوي خلاء غير بعيد عن بلاد ساحلستان ( الغرب والساحل الإفريقي ) ، لنربط واقع اللجوء ونحن في يومه العالمي ، العشرين من شهر يونيو من كل سنة ، متسائلين على جرائم عديدة ارتكبتها ولازالت ترتكبها عصابة بوليساريو المسلحة والمدعومة من نظام عسكر الجزائر .
تندوف وعلى ارض “دولة” عضو بهيئة الأمم المتحدة ، والتي من واجبها إحترام القانون الدولي ، وسيادة الدول ، دولة لازال نظامها يمتنع عن السماح للمندوبية السامية للاجئين باحصاء ساكنة المخيمات والتساءل عن أسباب إحتجازهم لأكثر من 48 سنة ، حتى اضحت جحيما وسجنا كبيرا ، الدخول والخروج منه يتطلب ترخيصا عسكريا .
مسؤولية المنتظم الدولي اليوم وهيئة الأمم المتحدة ومنظماتها المعنية بحماية حقوق الإنسان مطالبة بإصدار قرار آمر للجزائر بإعطاء تفسير على مايقع بمخيمات تندوف من قمع واختطاف وتنكيل وتصفية جسدية لكل من يعارض قيادة جبهة مهترأة تشرف عليها أجهزة إستخباراتية جزائرية ، وان تضع لوائع واضحة عن ساكنة المخيمات وعن هويتهم وهل هم فعلا مواطنون من أصول الصحراء المغربية من واد الدهب والساقية الحمراء ، أم من صحراويي مالي والنيحر والتشاد وحتى السودان ، أم مختطفون من دول مجاورة جاءت بهم عصابات الاتجار في البشر في اطار ما أضحى يسمى بتجارة الرقيق والاعضاء البشرية ، أم هم فقط مواطنون صحراويون جزائريون اقحموا في لعبة قدرة خطط لها مهندسوا الحرب الباردة زمن بومدين صانع ” بوليساريو “.
ساعود بكم ياسادة الى بعض من الرسالة التي بعت بها المدعو “أحمد أنبو” وهو احد مؤسسي جبهة بوليساريو والتي جاء فيها: ( أن الجزائر قامت بضخ المخيمات بأكثر من 2000 شخص جزائري يظهر عليهم انهم تلقوا تدريبا عسكريا متقدما ويحملون اسلحة روسية الصنع وثم استقدامهم على متن شاحنات تابعة لوزارة الماء الجزائرية. ليضيف أنه كان من بينهم المدعوا “بل العياشي” وهو أحد أفراد الشرطة السياسية مختص في ملف الطوارق ، ليختم السيد أنبو رسالته ، بسؤال ماذا لوكان كل من ادعي أنهم لاجئين في تندوف هم جزائريون ؟ )
بعض من الرسالة التي وجهت بتاريخ فاتح مارس 1976 الى الأنين العام للأمم المتحدة حينها .
مخيمات تندوف والتي لا يمكن ان يثم عزلها عن ما يقع بالغرب والساحل الافريقي اعتبارا للتورط الفعلي الذي ثبت يقينا من خلال التقارير الأمنية والاستخباراتية بتورط او مقتل قياديي هذه الجبهة الارهابية تحث غطاء الانفصال في العديد من العمليات الارهابية وارتكاب جرائم منظمة عابرة للحدود . وضع أمني تغديه الجزائر وتكدس من خلاله قيادتها وجنرالاتها ترواث تشهد بها ارصدة فرنسا وسويسرا،
وضع يهدد الاستقرار بالمنطقة المغاربية ، تظهر مؤشراته الخطيرة وتزداد يوما بعد يوم ، غلينا أن تعود لتاريخ الارهاب بالمنطقة المغاربية لنقف على ما وقع بتونس والتي تعرضت لثلات هجمات إرهابية كبيرة عام 2015 ، و ليبيا التي لم تستطع القضاء على تنظيم الدولة في أراضيها الا بعد قتال شرس والاغراق الغير المسبوق لأفواج تزايد يوما بعد يوم لمهاجرين ولاجئين عبر الحدود الشرقية للمغرب لغياب أي تعاون أمني بين المغرب والجزائر بسبب تعنت نظام الجزائر ومواقفه العدائية ضد المغرب .
إن اجتتات بؤر الارهاب والقضاء على الجماعات الإرهابية والعصابات المسلحة المدعومة من دولة أو أكثر لا يكون باستهداف قادتها أو اعتقال أحد عناصرها بل لا بد من تعاون أممي ودولي وقبله اقليمي، وهنا نسائل كذلك الاتحاد الافريقي وكيف لا زال يسمح بتواجد عصابة بوليساريو رغم فضائحها وجرائمها ضد الانسانية بالبقاء داخل هذا الحضن الذي اسس من اجل التنمية ودعم الامن والاستقرار بالقارة السمراء ؟.
كيف يمكن للأمم المتحدة وهيئاتها الحقوقية أن تتغاضى عن عدم احترام القانون الدولي و إحترام حقوق الانسان وأن تتغافل عن الجرائم ضد الانسانية التي ترتكب بتندوف ؟، وأن تستمر في تهديدها لأمن واستقرار دول الجوار دون أن تفرض عقوباتها وأن تلزمها بتفكيك وطرد عصابة البوليساريو ، وتقديم قادتها وعناصرها للمحاكمة الجنائية الدولية وان تفكك المخيمات التي اضحت بمتابة أكبر سجن بالعالم وأن تسمح لمنظمة غوت اللاجئين باحصائهم وتحديد جنسياتهم وحمايتهم ؟؟؟
ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان
مترافع مدني عن قضية الصحراء المغربية .
التعاليق (0)