في ظل غياب خدمات نقل عمومي كافية ومنتظمة ببوادي آيت باعمران، اضطر سكان دواوير جماعات تيوغزة، أملو، مستي، أيت عبد الله، تنكارفا، وصبوبا، منذ عقود، للاعتماد على ما يعرف محليًا بـ”العتاقة” أو النقل السري كخدمة اجتماعية تُمكنهم من قضاء أغراضهم اليومية، التنقل إلى الأسواق، الوصول إلى المؤسسات الصحية، والإدارات العمومية، المدارس والمؤسسات التعليمية في غياب بدائل رسمية.
هذه الظاهرة، التي تشكل مطلبًا اجتماعيًا وحقًا إنسانيًا في التنقل المضمون دستوريا بمقتضى الفصل 31 من دستور المملكة، لا تزال تُواجه اليوم خطابًا مزدوجًا من السلطات والمنتخبين، ما بين التلويح بتطبيق القانون على المواطنين البسطاء، وغض الطرف عن الفساد البنيوي في القطاع، وغياب إرادة حقيقية لمعالجة جذرية للمشكل.
وفي خطوة مستفزة، ظهرت مؤخرًا شكاية مجهولة المصدر تطالب السلطات بالتدخل ضد سيارات النقل السري، متضمنة أرقام لوحات سيارات مواطنين، في اعتداء سافر على:
الحق في حماية المعطيات الشخصية. وعلى مبدأ قرينة البراءة.
ظهور هذه الشكاية في هدا الوقت بالذات ، وفي مناخ اجتماعي هش، تفتح المجال أمام تصفية حسابات أو حملات انتخابية سابقة لاوانها، تستهدف إقصاء فئات هشة من المجتمع في وقت يعاني فيه الإقليم من ضعف البنيات التحتية، وتهميش متواصل في خدمات النقل وخاصة العالم القروي والدي يعتبره البعض خزان انتخابي لا غير.
ما يزيد من تعقيد الوضع هو أن أصحاب النقل السري/ العتاقة، أنفسهم يتعرضون لاستغلال ممنهج حيت يجبرون على ممارسات غير قانونية تحت ذريعة التغاضي عن نشاطهم، يُرهبون بتهديدات مباشرة وغير مباشرة، يُوظفون كورقة مساومة موسمية تخدم أجندات محلية ضيقة،
وهذا ما يتعارض مع مبادئ العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية وحرية ممارسة النشاط الاقتصادي في أجواء نزيهة.
وفي هذا السياق، نذكّر المعنيين بالشأن المحلي، مسؤولين ومنتخبين أن ظاهرة النقل السري ليست حكرًا على بوادي آيت باعمران، بل هي ظاهرة مستفحلة حتى في العاصمة الرباط، وعلى مرأى ومسمع الجميع، بل وبالقرب من مؤسسات وإدارات الدولة المعنية بتقنين وتأطير هذا القطاع، وعلى رأسها وزارة النقل ووزارة الداخلية، ومع ذلك، لا يتم اتخاذ أي إجراءات زجرية حقيقية أو حلول تنظيمية جذرية بالعاصمة، في الوقت الذي يُلوَّح فيه بتطبيق القانون بشكل انتقائي على مواطنين بسطاء في القرى والمداشر بإقليم سيدي افني، في مفارقة صارخة تعكس ازدواجية المعايير وانعدام العدالة المجالية والاجتماعية.
وعليه، فإننا كمتتبعين للشأن المحلي والحقوقي، ندعو:
1- السلطات الإقليمية والمنتخبين إلى وقف سياسة الكيل بمكيالين.
2- فتح حوار تشاركي مع الفاعلين المحليين لإيجاد بدائل نقل منظم وفعال.
3- التحقيق في خلفيات الشكاية المجهولة ومن يقف وراءها فعليا.
4- إنهاء استغلال المهنيين البسطاء في بورصة الابتزاز.
5- دعوة المنتخبين من أبناء الإقليم الدين استفادوا دات يوم من خدمات هدا القطاع الغير الهيكل تحمل مسؤولياتهم والاصطفاف الى جانب العتاقة عوض لعب دور أرنب السباق.
في الختام، ندكر الجميع ان الحق في النقل والتنقل في العالم القروي ليس امتيازًا بل حق دستوري يحب ضمانه من قبل السلطات العمومية، وأي مساس به دون معالجة شاملة لمنظومة النقل بالإقليم، هو تكريس لمزيد من الإقصاء والتمييز المجالي واجبار ساكنة الدواوير على قطع المسافات التي تربط منازلهم بالاسواق والإدارات العمومية مشيا على الاقدام وتعريض سلامتهم الجسدية للخطر خاصة وأن الإقليم يعرف موجة حرارة غير مسبوقة، لا يمكن ان يحس بها إلا من اكتوى بنارها وانتظر ساعات طوال على جنبات المسالك الطرقية بالاقليم لعل القدر يجود بسيارة أو خطاف يوصله إلى وجهته.
عمر بنعليات
عمر بنعليات