يواصل النصب الإلكتروني في المغرب تطوره ليأخذ أشكالا أكثر احترافية، إذ لم يعد يقتصر على رسائل البريد الاحتيالية أو مكالمات مجهولة من الخارج، بل بات يستخدم أسماء شركات موثوقة لإقناع الضحايا وسلب أموالهم وممتلكاتهم.
وفي هذا السياق، سقط عشرات الضحايا، في الآونة الأخيرة، في شباك عملية نصب إلكتروني محكمة، عمد منفذوها إلى استغلال اسم شركة شهيرة متخصصة في التجهيزات المنزلية للإيقاع بهم، عبر إعلانات مدفوعة الأجر على موقع “فيسبوك”.
وتروج هذه الإعلانات لقصة خيالية مفبركة عن موظفة سابقة طردت من العمل، وقررت “الانتقام” من الشركة التي كانت تشتغل بها، وذلك من خلال تسريب عروض داخلية تتيح اقتناء تجهيزات منزلية فاخرة بأثمنة زهيدة، في حين أن قيمتها الحقيقية تقدر بالملايين.
وبحسب ما أوردته جريدة “الصباح” في عددها لنهاية الأسبوع، فقد اعتمد المحتالون محتوى إعلانيا صمم بإتقان، يحاكي الهوية البصرية للشركة الحقيقية، مدعوما بتعليقات مزيفة توهم المتصفحين بوصول “الهدية” وجودة المنتج وندرة العرض، وهو ما ساهم في تضاعف عدد الضحايا عبر مدن مختلفة، من بينها الدار البيضاء ومراكش وطنجة وسلا.
وراهن منفذو عملية النصب الإلكتروني، بحسب اليومية نفسها، على استغلال الجانب الإنساني للضحايا وتعاطفهم مع المستخدمة “المظلومة”، حيث جرى إرفاق هذه القصة برابط إلكتروني يفترض أنه يحيل إلى موقع خاص بالعروض المسربة، لكنه يطلب من المستخدمين إدخال معطياتهم الشخصية، مثل الاسم الكامل، العنوان، رقم الهاتف، وبيانات البطاقة البنكية، مقابل وعد بالحصول على جهاز منزلي فاخر مجانا.
هذا، وقد تمكن المحتالون من سحب مبالغ مالية كبيرة من الحسابات البنكية للضحايا بعد إدخالهم لمعطياتهم الشخصية، مستغلين ثغرات في الحماية الرقمية لدى بعض المستخدمين، إلى جانب غياب الوعي بمخاطر مشاركة المعلومات الحساسة.
وكشفت الجريدة أن المبالغ المسروقة تراوحت ما بين 1000 و4000 درهم، فيما أفاد عدد من الضحايا بتلقيهم مكالمات دولية ورسائل إلكترونية مشبوهة عقب العملية، في مؤشر على احتمال تسريب بياناتهم وبيعها لاحقا على شبكة الإنترنت المظلم.
هذا، وقد نفى بعض المستخدمين بالشركة المستهدفة علاقتها بهذه الحملات، مؤكدين أن لا صلة لها بأي عروض منشورة خارج قنواتها الرسمية، وأنها لا تقدم تجهيزات مجانية أو منخفضة الثمن عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ويأتي هذا في الوقت الذي ساهمت فيه قلة الوعي الرقمي لدى فئات عريضة من المواطنين، إلى جانب غياب حملات توعية رسمية، في تفاقم ظاهرة النصب الإلكتروني في المغرب، كما زاد من حدتها بطء التفاعل مع البلاغات المرتبطة بالصفحات الاحتيالية، مما يثير تساؤلات حول فعالية الرقابة على المنصات الرقمية، خاصة تلك التي تستغل في ترويج الإعلانات الوهمية والزائفة.