بقلم: أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية
انطلقت في العاصمة الأنغولية لواندا أشغال القمة الإفريقية الأوروبية في دورتها السابعة، وسط ظرفية سياسية حساسة ألقت بظلالها على الجلسة الافتتاحية، وذلك بعد حضور زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي بدعوة من الدولة المستضيفة. خطوة أثارت موجة واسعة من التساؤلات، وأدخلت القمة في سجال دبلوماسي قبل أن تبدأ أعمالها الفعلية.
- مشاركة مغربية محسوبة… حضور لتثبيت الموقف لا للاصطفاف
ورغم الاستياء الواضح من إصرار لواندا على توجيه الدعوة لزعيم الجبهة الانفصالية، قرر المغرب عدم ترك مقعده شاغرًا، مكتفيًا بتمثيل تقني محدود حرصًا على عدم تسييس مشاركته أو منح أي تأويل خاطئ لموقفه. هذا الحضور منخفض المستوى لم يكن تعبيرًا عن رضى، بل رسالة هادئة مفادها أن الرباط لا ترغب في الانسحاب أو خلق سابقة يمكن استغلالها، وأن التزامها بالمشاركة نابع من مسؤوليتها داخل الشراكة الإفريقية الأوروبية وعدم رغبتها في ترك الساحة فارغة.
- حرص على التعقل وتجنّب جرّ القمة إلى صدامات داخل البيت الإفريقي
اختار المغرب، رغم تحفظاته العميقة، عدم الانجرار نحو تصعيد قد يُفجر الهشاشة القائمة داخل الاتحاد الإفريقي، خصوصًا وأن أطرافًا إقليمية تحديدًا الجزائر تحاول باستمرار توريط مؤسسات الاتحاد في مناورات تعكس أجندتها الخاصة. وتقرأ دوائر دبلوماسية عربية وإفريقية هذه الخطوة المغربية باعتبارها استمرارًا لنهج التعقل وضبط النفس الذي تتبناه الرباط، إدراكًا منها لحساسية المرحلة وضرورة الحفاظ على ما تبقى من وحدة داخل المنظمة القارية.
- أنغولا تلتزم الصمت… والاتحاد الإفريقي في قلب الجدل
ورغم الجدل الواسع، منحت أنغولا للملف هامشًا من الغموض، دون تقديم أي توضيحات حول خلفية إدراج اسم غالي ضمن المدعوين. في المقابل، سارع الجانب الأوروبي إلى التأكيد على أن الدعوات تُوجَّه عبر الاتحاد الإفريقي باعتباره الجهة المخولة بذلك، في إشارة واضحة إلى أن المسؤولية تقع ضمن صلاحيات المنظومة الإفريقية، لا على الجانب الأوروبي.
هذا التوضيح يعيد النقاش إلى التوازنات المعقدة داخل الاتحاد الإفريقي، حيث ما زال ملف الصحراء يمثل أحد أكثر نقاط الخلاف حساسية، ويشكل مجالًا تتقاطع فيه الحسابات الأنغولية والجزائرية وجنوب الإفريقية، في مقابل مواقف أغلبية واسعة من الدول الأعضاء الداعمة للموقف المغربي.
- مشهد افتتاحي يعكس عمق التجاذبات
ورغم الحذر المغربي في التعاطي مع الحدث، إلا أن الجلسة الافتتاحية لم تخل من رمزية ثقيلة، خصوصًا بعد جلوس ممثل المغرب في موقع قريب من إبراهيم غالي. مشهد اعتبره مراقبون دليلاً على محاولات الجزائر استثمار كل مساحة بروتوكولية أو سياسية لإظهار حضور الجبهة الانفصالية في محافل دولية، حتى وإن كان ذلك عبر خلق بؤر توتر داخل لقاءات يفترض أن تنشغل بقضايا التنمية والشراكة الاستراتيجية.
- خلاصة… رسائل متبادلة في قمة كان يفترض أن تكون هادئة
في النهاية، لم تكن لواندا محطة عادية في مسار القمم الإفريقية–الأوروبية؛ فحضور غالي خلق ارتدادات سياسية غير مرغوب فيها، وجعل التركيز ينتقل من ملفات التنمية إلى حسابات النفوذ داخل القارة. لكن المغرب، باختياره المشاركة المحدودة، سجل موقفًا متوازنًا:
حضور لتأكيد الشرعية، وامتناع عن التصعيد حفاظًا على استقرار الاتحاد الإفريقي، مع ترك الرسائل الدبلوماسية تمر دون ضجيج.
إ


التعاليق (0)