الذكاء الاصطناعي واللقاحات «المُصمَّمة»… مساران يتقاطعان في سباق علاج السرطان بين تجارب روسيا ومبادرة «ستارغيت»

الصحة

يتسارع السباق العالمي لمكافحة السرطان على مسارين متوازيين: علاجات مناعية «مُوجَّهة» ولقاحات شخصية، وبُنى حوسبة فائقة يقودها الذكاء الاصطناعي. وفي روسيا، انطلقت تجربة سريرية مبكرة (مرحلة أولى) للقاح علاجي قائم على فيروسات حالّة للأورام باسم EnteroMix، بعدما اختارت المراكز البحثية 48 متطوعًا لتقييم السلامة والجرعات. وبحسب تصريحات رسمية في منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي، يرتكز النهج على توليفة من فيروسات غير مُمرِضة تُصمَّم لتتكاثر داخل الخلايا السرطانية وتُتلفها بالتوازي مع تحفيز الاستجابة المناعية المضادّة للورم. إنها خطوة أولى على مسار طويل قبل أي اعتماد أو تعميم علاجي.

وبالموازاة، يُروِّج قادة التكنولوجيا لرؤية طموحة تعظّم دور الذكاء الاصطناعي في الطب. ففي مؤتمرٍ بالبيت الأبيض لإطلاق شركة «Stargate»—التي تضم OpenAI وOracle وSoftBank—أكّد سام ألتمان أن «الأمراض ستُعالَج بسرعة غير مسبوقة»، فيما قال لاري إليسون إن أدوات الذكاء الاصطناعي قادرة على الكشف المبكر عبر اختبارات دم، ثم تصميم لقاحات mRNA شخصية «في غضون 48 ساعة» بعد تسلسل جينات الورم. هذه الوعود ترتبط ببنية حوسبية عملاقة تعِد بها «ستارغيت» باستثمارات تُقدَّر بمئات المليارات خلال الأعوام القليلة المقبلة.

وتاريخيًا، أثبتت فئة «الفيروسات الحالّة للأورام» صلاحيةً علاجيةً محدودة في مؤشرات معيّنة؛ إذ أقرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية عام 2015 الدواء T-VEC (Imlygic) لعلاج بعض حالات الميلانوما غير القابلة للجراحة—وهو إنجاز مهم لكنه بعيد عن «حلٍّ شامل» للسرطان. ويعكس ذلك حقيقة علمية كرّرها مختصون: لا وجود لعلاجٍ واحدٍ يصلح لكل السرطانات، بل ترسانة من الأدوات تُختار حسب بيولوجيا الورم لكل مريض.

وعلى جبهة لقاحات mRNA، تُظهر النتائج المتوسطة الأجل لتجربة Moderna/Merck (mRNA-4157 + Keytruda) في الميلانوما تحسنًا مهمًا في خفض خطر النكس والانتقال البعيد مقارنة بـKeytruda وحده—نتائج مشجّعة لكنها ما تزال بحاجة لتأكيد في دراسات محورية أكبر. وتدلّل هذه البيانات على إمكانات «اللقاحات الشخصية» حين تُدمج بعلاجات مناعية راسخة.

أما في روسيا، فالمشهد البحثي يمتد إلى لقاحات mRNA شخصية؛ إذ أعلنت جهات رسمية نية توفير لقاح للسرطان مجانًا للمرضى بدءًا من مطلع 2025، مع الإشارة إلى أن هذه التصريحات نالت تحفّظًا في تغطيات دولية وأكاديمية طالبت بأدلة سريرية محورية قبل الحديث عن تعميم علاجي. وفي تحديثات حديثة، أشار مسؤولون إلى تجهيز تجارب على ميلانوما تُنتَج فيها الجرعات داخل مراكز بحثية مثل «غاماليا» و«هرتسن» و«بلوخين».

الخلاصة العملية: يَعِد الذكاء الاصطناعي بتسريع الكشف والتصميم الحوسبي للقاحات الشخصية، فيما تفتح الفيروسات الحالّة واللقاحات القائمة على mRNA آفاقًا علاجيةً واعدة—لكنها لا تزال ضمن مسارٍ علمي يستلزم تجارب مرحلية صارمة لإثبات الفعالية والأمان على نطاق واسع. وبين الوعود التقنية والتجارب المبكرة، يبقى المعيار الذهبي هو نتائج الدراسات المحورية المُحكّمة، وجدوى العلاج مقارنةً بالرعاية القياسية وتحمّل آثاره الجانبية.

تنبيه تحريري: هذا المحتوى توعوي ولا يُمثّل نصيحة طبية. يلزم استشارة الطبيب المختص لكل حالة على حدة.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً