نبهت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة من الارتفاع المقلق في عدد الوفيات التي يمكن تفاديها بالمغرب، والناتجة أساسا عن غياب نظام إسعاف طوارئ وطني موحد وفعال.
وأفات الشبكة في تقرير لها حول “ضعف منظومة الإسعاف الطارئ في المغرب وتداعياتها على الأرواح البشرية”، أن الضعف البنيوي في الخدمات المتنقلة للمستعجلات والإنعاش الطبي يؤدي إلى إهدار فرص الإنقاذ بسبب التأخر في الوصول إلى المؤسسة الاستشفائية الأقرب.
وأوضحت الشبكة أن “الساعة الذهبية” بعد وقوع الحادث تبقى حاسمة لإنقاذ المصابين، ولا سيما في حوادث السير التي غالبا ما تنتج عنها وفيات بسبب النزيف الحاد أو إصابات الرأس خلال الدقائق الأولى أو أثناء النقل، كما تتطلب الحالات الطارئة مثل الأزمات القلبية، والسكتات الدماغية، وضيق التنفس، تدخلا فوريا لإنقاذ الأرواح وتجنب تفاقم الحالة.
وتشير الإحصائيات الوطنية إلى أن نسبة كبيرة من الوفيات تحدث أثناء النقل أو قبل الوصول إلى المستشفيات العمومية، حيث اعتبرت الشبكة أن هذا الأمر يؤكد الحاجة الماسة إلى نظام إسعاف سريع ومؤهل، قادر على تقديم إسعافات أولية حيوية في موقع الحادث.
وفي هذا السياق، نبهت الشبكة إلى أن استخدام سيارات إسعاف غير مجهزة بشكل كاف وغياب طاقم طبي متخصص بها يؤدي بشكل مأساوي إلى وفاة عدد كبير من الضحايا أثناء عملية النقل إلى المستشفيات، فضلا عن معضلة تهالك سيارات الإسعاف وشلل التجهيزات الحديثة، إذ يعاني الأسطول المقدر بحوالي 620 سيارة من التقادم والأعطاب المتكررة التي تسهم في حالات الوفاة.
وفي سياق متصل، انتقدت الشبكة ذاتها ضعف التنسيق البيني، إذ أن “هناك ضعفا حادا في التنسيق بين مختلف المتدخلين (الوقاية المدنية، مستعجلات المستشفيات، الجماعات المحلية، الأمن، والسيارات الخاصة)، ما يؤدي إلى فقدان فعالية 90% من النداءات وفقا لبعض التقديرات، ويقوض منظومة الاستجابة الشاملة”.
وتوقف ذات التقرير عند “النقص الكارثي في الأطر المتخصصة، والتفاوت المجالي في التغطية، وتقادم الإطار القانوني، إذ يقتصر نقل المصابين في الطرق العمومية على الوقاية المدنية بموجب منشور وزاري صادر عام 1956، وهو إطار قانوني متقادم يعيق تكامل الجهات الفاعلة في القطاع تحت مظلة نظام موحد”.
ومن جهة أخرى، لفت التقرير إلى أزمة الاكتظاظ في المستعجلات، إذ “تواجه أقسام المستعجلات، بما فيها تلك التابعة للمراكز الاستشفائية الجامعية، اكتظاظا لافتا، ونقصا في الأطباء والممرضين المؤهلين، بالإضافة إلى أعطاب في التجهيزات وشح في المستلزمات الدوائية، فيظل المصابون في قاعة الانتظار لساعات قبل تلقي العلاج”.
وأمام هذا الوضع، دعت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة إلى “إقرار قانون إطار موحد لتنظيم منظومة الإسعاف الطارئ على الصعيد الوطني، ضمن مؤسسة عمومية مستقلة ذات فروع جهوية ومحلية، مع تمويل مستدام وتزويد بالتجهيزات الطبية الحديثة”.
وإلى جانب ذلك، دعت الشبكة الحقوقية إلى “إنشاء مركز وطني موحد لتنظيم النداءات يعتمد على تكنولوجيا حديثة (GPS وأنظمة جغرافية معلوماتية)، لضمان توجيه سريع ودقيق للإسعاف، مع تحديث أسطول سيارات الإسعاف المتقادمة لتغطية كل أنحاء البلاد، واعتماد معيار سيارة إسعاف لكل 10,000 نسمة على الأقل”.
ويأتي تقرير الشبكة تزامنا مع استعداد المملكة لاحتضان تظاهرات كبرى، في مقدمتها كأس أمم إفريقيا 2025، حيث يظل إنقاذ أرواح المغاربة وضيوف المملكة رهينا بوضع نظام استجابة طارئ فعال ينقذ الضحايا والمرضى بسرعة، مع العمل على تنظيم هذا المجال بتنسيق بين القطاع العام والخاص بدلا من الاعتماد على قوانين قديمة.


التعاليق (0)