خلقت واقعة طبية غير مسبوقة بمستشفى سيدي حساين بورزازات جدلا واسعا في الأوساط الصحية والنقابية، بعد “استفاقة مريض أثناء إجراء عملية جراحية”، في حادث أثار علامات استفهام حول طريقة تدبير الملف الطبي والتعامل الإداري مع الأطر الصحية.
وقد وجهت إدارة المستشفى بتاريخ 7 أكتوبر 2025 استفسارا رسميا لأحد الممرضين على خلفية الواقعة، أوضحت فيه أن المريض الذي خضع لعملية جراحية على الزائدة الدودية استفاق أكثر من مرة أثناء العملية بسبب إعطاء جرعة قليلة من المخدر، الشيء الذي كان من الممكن أن يتسبب في مضاعفات جراحية خطيرة قد تؤدي إلى الموت، مطالبة المعني بالأمر بتقديم توضيح كتابي في غضون 48 ساعة.
ورغم خطورة الواقعة، أكد مصدر نقابي أن العملية الجراحية كانت ناجحة وأن المريض “غادر المستشفى بحالة طبيعية”، دون أن يتعرض لأي مضاعفات صحية.
وأشار المصدر نقابي إلى أن “الاستفسار الموجه للممرض المعني غير قانوني في مجمله”، مبررا ذلك بأن “الإدارة لم يكن من حقها مساءلة الممرض في موضوع التخدير، باعتبار هذا المجال من اختصاص الطبيب، وليس من صلاحيات الممرض”.
واستنكر المصدر نفسه ما وصفه بـ “محاولات الضغط على الممرضين في التخدير والإنعاش لتأدية أعمال لا تدخل ضمن مهامهم”، معتبرا أن الإدارة “ارتكبت خطأ حين وجهت الاستفسار قبل فتح أي تحقيق في الواقعة”.
وأضاف المصدر ذاته أن “الإدارة تعلم أن الأمور لا ينبغي أن تدار بهذا الشكل”، مشيرا إلى أن التسرع في توجيه الاستفسار أدى إلى “تسرب معطيات إلى الصحافة بطريقة غير مفهومة”، وهو أمر “غير مقبول”، وفق تعبيره.
وبالعودة إلى الجانب القانوني، شدد المصدر على أن “القانون واضح في هذا الجانب، إذ تنص المادة السادسة من القانون رقم 43.13 والقرار الوزاري 2150.18 في المادة الثانية على أن ممرضي التخدير والإنعاش يقومون بهذا العمل تحت مسؤولية وإشراف مباشر من طبيب متخصص في التخدير والإنعاش”.
وأكد المصدر أن الممرض المعني بالاستفسار “التزم بالقواعد القانونية والعلمية المعمول بها، ولم يتجاوز صلاحياته”، مضيفا أن التحقيقات أوضحت لاحقا أن المريض لم يتعرض لأي مضاعفات، وأن استفاقته كانت “طبيعية” وغادر المستشفى في حالة جيدة.
وفي سياق متصل، أصدر المكتب الإقليمي للنقابة المستقلة للممرضين بورزازات بلاغا ندد فيه بما أسماه “الحملة المسعورة التي تشنها بعض الجهات المعلومة على ممرضي التخدير والإنعاش بالمستشفى الإقليمي لورزازات بغية إرغامهم على خرق القانون والمخاطرة بصحة المواطنين وذلك للقيام بأعمال طبية لا يسمح بها القانون، كأعمال التخدير والإنعاش التي تستلزم حضور طبيب التخدير والإنعاش، وإشرافه المباشر”.
وعبرت النقابة عن “استنكارها الشديد لهذه الأفعال والسلوكات ومحاولات الضغط على الممرضين في التخدير والإنعاش لتأدية أعمال لا تدخل ضمن مهامهم”، داعية هذه الجهات إلى “التحلي بالضمير والإنسانية والعمل على تأدية واجبها على أكمل وجه كما ينص على ذلك القانون، سيما أنهم يتقاضون عليها أجورهم من المال العام”.
وحذرت الهيئة ذاتها من “مغبة تعليق فشل المنظومة الصحية والفراغ القانوني الذي تعاني منه مهن التمريض وتقنيات الصحة على عاتق الممرضين وتقنيي الصحة بجميع تخصصاتهم”، معلنة استعدادها لخوض جميع الأشكال النضالية “دفاعا عن كرامة الممرض والممرضة، وصونا للممارسة التمريضية من كل أشكال الاستغلال أو التعسف أو التوظيف غير القانوني”.
وتعيد هذه الواقعة إلى الواجهة النقاش حول تدبير عمليات التخدير داخل المستشفيات العمومية، وتحديد المسؤوليات الطبية والإدارية، في ظل النقص الحاد في أطباء التخدير، وما يترتب عن ذلك من ضغط متزايد على الممرضين المتخصصين في هذا المجال.