يعد برنامج الفرصة الثانية إحدى أهم المبادرات التربوية التي أطلقتها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بهدف إعادة إدماج الشباب المنقطعين عن الدراسة ومنحهم مسارا جديدا للتعلم والتأهيل.
ويجري تنفيذ هذا البرنامج عبر مراكز “مدارس الفرصة الثانية – الجيل الجديد” بشراكة مع جمعيات المجتمع المدني، في إطار رؤية تروم الحد من الهدر المدرسي وتمكين المستفيدين من بناء مشروعهم الشخصي والمهني.
ويرتكز البرنامج على مزيج من التعليم الأساسي والتكوين المهني والدعم النفسي والأنشطة الموازية، وهو ما يجعله آلية حيوية ضمن السياسات التعليمية الهادفة إلى تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص.
ورغم ما حققه هذا البرنامج من نتائج مشجعة في ميدان إعادة الإدماج، إلا أن هذه المبادرة الطموحة تواجه مجموعة من الإكراهات التي قد تعرقل استمراريتها وفاعليتها، وهو ما يفرض — بحسب عدد من المتتبعين — إجراء تقييم شامل لحصيلتها واستشراف آفاق تطويرها بما يضمن استدامتها وتحقيق أهدافها في الميدان.
ومن بين أبرز التحديات التي طرحها عدد من الخبراء والفاعلين التربويين، صعوبة التأقلم التي تواجه عددا من التلاميذ العائدين إلى مقاعد التعلم بعد انقطاع طويل، حيث يجد البعض منهم صعوبة في التكيف مع بيئة المراكز الدراسية الجديدة.
وإلى جانب ذلك، تطرق هؤلاء إلى ضعف الدعم الأسري الذي يفاقم من حدة المشكلة، إذ لا تحظى مراكز الفرصة الثانية في بعض الحالات بمساندة كافية من الأسر، مما ينعكس سلبا على التزام المتعلمين واستمرارهم.
وتتجلى الإكراهات أيضا، وفقا لذات المتتبعين، في الاحتياجات التعليمية الخاصة لدى فئة من التلاميذ، سواء من حيث الحاجة إلى مواكبة تربوية دقيقة أو تخصيص ساعات دعم إضافية، فضلا عن الضائقة المالية التي تواجهها بعض الأسر، مما يحد من قدرتها على مرافقة أبنائها في مسار العودة إلى التعلم.
أما على الصعيد النفسي، فيعاني عدد من التلاميذ من ضغوط نفسية متراكمة نتيجة تجاربهم السابقة مع الانقطاع الدراسي، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على أدائهم التعليمي ويجعل عملية الإدماج أكثر تعقيدا.
وأجمع الفاعلون على أن مواجهة هذه التحديات تتطلب مقاربة تشاركية حقيقية، تقوم على تعزيز التعاون بين المراكز التربوية والأسر والمجتمع المحلي، مع توفير الموارد البشرية والمادية الكفيلة بضمان استمرارية البرنامج ونجاح المستفيدين منه.
وبالرغم من هذه الإكراهات، أكد ذات الفاعلين أن مراكز الفرصة الثانية لا تزال تشكل نافذة أمل لشريحة واسعة من الشباب الذين يعتقدون أن قطار التعليم قد تجاوزهم، إذ تحتاج فقط إلى توفير شروط الدعم والمواكبة الملائمة لتكون نقطة انطلاق جديدة لقصص نجاح متميزة.
التعاليق (0)