استقبل فلاحو أقاليم الشمال ومناطق متعددة من المملكة التساقطات المطرية الأخيرة بفرح كبير، بعد مواسم من القحط والجفاف الذي أرهق الأراضي والمحاصيل، وخلف خيبات متكررة لدى الفلاحين الصغار والمتوسطين.
وأعادت الأمطار التي تهاطلت خلال الأيام الماضية الحياة إلى الحقول، وأحيت آمال الفلاحين في موسم فلاحي واعد يعيد الانتعاش إلى القرى والمداشر، ويعزز الأمن الغذائي الوطني.
وفي هذا السياق، أكد مجموعة من الفلاحين أن هذه التساقطات ستطلق دينامية مهمة في القطاع الفلاحي بالشمال، وبشكل خاص على مستوى جني محصول الزيتون.
وينتظر أن يشكل هذا الموسم فرصة مهمة لإنعاش الحركة الاقتصادية المحلية، إذ تستقطب عملية الجني اليد العاملة من مختلف المناطق، ما يوفر مداخيل مؤقتة لعدد من الأسر القروية ويخلق رواجا اجتماعيا واقتصاديا مهما.
ولن يقتصر أثر الأمطار على أشجار الزيتون فقط، بل سيشمل، وفقا لذات الفلاحين، عددا من الزراعات، مثل الفصة والشعير والخرطال، التي يعتمد عليها مربو المواشي لتأمين الكلأ الطبيعي وتخفيف كلفة الأعلاف خلال فصل الشتاء.
ويرى الفلاحون أن هذه التساقطات ستدفعهم إلى إعادة حرث الأرض وتجهيزها مبكرا استعدادا لبداية موسم زراعة الحبوب والمواد العلفية المنتظر منتصف شهر نونبر، في أجواء من التفاؤل والجدية.
ورغم المؤشرات الإيجابية، يخيم القلق على عدد من المهنيين من تدخل “السماسرة” في عمليات تسويق الزيت والزيتون، مستغلين حاجة الفلاحين إلى السيولة لشراء المحصول بأثمنة بخسة ثم إعادة بيعه بأثمنة مضاعفة.
ويرى هؤلاء أن هذه الممارسات لا تضر فقط بمصالح الفلاحين الصغار الذين يشكلون عماد الإنتاج الوطني، بل تمتد آثارها إلى المواطنين، إذ تساهم في ارتفاع أسعار زيت الزيتون في الأسواق المحلية بشكل غير مبرر.
وأكد ذات المهنيين أن غياب المراقبة الصارمة وضعف التنظيم يمنحان الوسطاء فرصة التحكم في السوق، وتحويل “خيرات الأرض” إلى وسيلة للربح السريع على حساب المنتج والمستهلك معا.
وبين فرحة المطر وانطلاقة موسم الزيتون وتدخلات السماسرة في الأسواق، يبقى الرهان الأكبر هو حماية الإنتاج الوطني وضمان عدالة السوق حتى يصل “خير الأرض” إلى كل بيت مغربي دون استغلال أو احتكار.
