أكادير بعيون العالم ، من ركام الزلزال إلى أيقونة الازدهارأكادير والجهات

أكادير بعيون العالم ، من ركام الزلزال إلى أيقونة الازدهار

بقلم: أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية.

من بين ركام الزلزال المدمر الذي هز أكادير سنة 1960، وترك وراءه جراحاً غائرة في الذاكرة، ولدت مدينة جديدة، أقسم ملكها آنذاك، جلالة المغفور له محمد الخامس طيبالله ثراه، أن تنهض من تحت الأنقاض. فكانت كلماته الشهيرة المنقوشة في قلب المدينة: “لئن حكمت الأقدار بخراب أكادير، فإن بنائها موكول إلى إرادتنا وإيماننا … “. وهكذا، سُميت أكادير بحق “مدينة الانبعاث”.
لم يكن ذلك الوعد الملكي مجرد شعار عابر، بل كان بداية مسيرة إعمار لا مثيل لها. فقد تولى الملك الحسن الثاني، رحمه الله، مهمة البناء الفعلي، فشيد مدينة حديثة تستجيب لأرقى معايير السلامة والجمال العمراني. مدينة تمتد على ساحل ذهبـي، وتطل على جبال الأطلس في مشهد يأسر الألباب.
ثم جاء العهد الجديد، عهد جلالة الملك محمد السادس نصره الله، ليمنح أكادير نفساً جديداً، ويقودها نحو تحول شامل في بنيتها التحتية، في اقتصادها، وفي مكانتها على خريطة المغرب والعالم. لم تعد أكادير مجرد مدينة ساحلية، بل أصبحت اليوم نموذجاً حضرياً متكاملاً، وقطباً سياحياً، ورياضياً، واقتصادياً واعداً.
وفي هذا السياق، سلطت صحيفة “كلارين” الأرجنتينية، وهي من أبرز الصحف في أمريكا اللاتينية، الضوء على هذا التحول اللافت، في مقال جاء بعنوان: “أسرار أكادير، سحر مدينة ساحلية”. وجاء في المقال أن المدينة، التي كانت رمزاً للمأساة في ستينيات القرن الماضي، أصبحت اليوم وجهةً سياحية عالمية، تستقبل مئات الآلاف من الزوار سنوياً، مستفيدة من مناخها المشمس لأكثر من 340 يوماً في السنة، وشواطئها الممتدة، وفنادقها المتنوعة التي تجذب السياح من أوروبا وخارجها.
ولم يقتصر الإعجاب بالمدينة على طبيعتها وسحرها، بل تعدّاه إلى النهضة الحضرية والرياضية التي تعرفها. فـ”ملعب أدرار”، الذي يتسع لأكثر من 46 ألف متفرج بعد التوسعة، أصبح منصة رياضية دولية، احتضن مباريات كأس العالم للأندية، وسيكون ضمن الملاعب الرئيسية في كأس إفريقيا 2025، وكأس العالم 2030، في دليل قوي على أن أكادير لم تعد فقط وجهة للاستجمام، بل مركزاً رياضياً متقدماً بمواصفات عالمية.
وتشهد المدينة أيضاً مشاريع كبرى مثل توسعة الطريق الدائرية، وبناء سدود، وتعزيز محطة تحلية مياه البحر في شتوكة، وهي مشاريع تعكس رؤية استراتيجية لجعل أكادير مدينة المستقبل، المتكاملة في بنيتها ومواردها، المتصلة بالمحيط، والمنفتحة على العالم.
كل هذه الدينامية العمرانية والتحولات الاستراتيجية، لم تمر مرور الكرام، بل أصبحت محط اهتمام الصحافة الدولية التي بدأت تكتب عن “النهضة المغربية” انطلاقاً من تجربة أكادير، باعتبارها نموذجاً للمدن التي تنهض من تحت الرماد لتبني لنفسها مجداً جديداً.
هكذا، تواصل أكادير اليوم رحلتها في قلب المغرب الحديث، مدينة تشهد ازدهاراً عمرانياً لا مثيل له، يقوده ملك يؤمن بالتنمية الشاملة، وشعب يعتز بتاريخه ويتطلع إلى مستقبل واعد.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً