اثارت فوضى المرابد وتفويتها للخواص والترامي غير المشروع على املاك خاصة أوعامة لتحويلها لأماكن لركن السيارات والدراجات دون سند قانوني يوجب ذلك ، ناهيك عن عملية البلطجة التي يمارسها بعض المحسوبين على ما يسمى “حراس السيارات”.
أقول ، أثارت نقاشا مجتمعيا مهما خاصة بعد العديد من الاعتداءات التي تعرض لها بعض المواطنين والتي تنوعت من الهجوم اللفضي والإبتزاز ، إلى العنف الجسدي بإستعمال والضرب والجرح ، و في تطاول غير مسبوق على القانون .
نقاش أفاض الكأس في غياب إستراتيجية واضحة لتدبير قطاع المرابد العمومية ، والذي يعتبر من القطاعات غير المهيكلة والتي يلجئ إليها العديدون من أجل كسب سهل ودخل مهم يتجاوز في حلات معينة واماكن معينة 50 درهم عن ركن سيارة واحدة لساعة او بضع ساعات إن لم تكن لبضع دقائق ، خاصة مع العطلة الصيفية ، إنه عمل غير مشروع لا يكلف صاحبة سوى سترة ثمنها في الأقصى 20 درهما .
نقاش يتطلب منا لمعاجة هذه الظاهرة ، تحديد المسؤوليات بالنظر للحالات التي شملها جدل المرابد .
فهل هي مرابد صالحة للتفويت من قبل الجماعات الترابية في إطار صفقات عمومية تحترم الشروط القانونية والواقعية و تراعي في الدرجة الأولى مصالح الساكنة ؟
أم هي عمليات تفويت خارجة عن القانون وتجعل من كل تعاقد بخصوصها مع الغير قابل لكل طعن أمام القضاء الإداري ؟
أم هي عمليات يقوم بها افراد او مجموعة أفراد للاستحواد على أماكن وشوارع ، خاصة القريبة من الشواطئ أو الساحات أو الفضاءات العامة التي تعرف أنشطة ترفيهية أو حفلات أو اماكن قريبة من مراكز التسوق ؟
الجواب عن هذه التساؤلات التي عبر عنها فعل الاحتجاج المتكرر من قبل العديد من أصحاب السيارات ، وكذا من خلال نبض الشارع و تساؤلات الساكنة يلزمنا التمييز بين ركن السيارة فوق الملك العمومي وحراسة السيارة في الشوارع العمومية .
فالمسألة الأولى أي ركن السيارة في الملك العمومي تتطلب منا الرجوع إلى القوانين المنظمة لشغل الأملاك الجماعية العامة، ولا سيما القانون رقم 30.89 المتعلق بنظام الضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها (المقتضيات التي تظل في حيز التنفيذ بصفة انتقالية طبقا للقانون رقم 39.07)، ويتضح من خلالها أن شغل الأملاك الجماعية يضم ثلاثة أصناف و هي المتمثلة في شغل الأملاك الجماعية العامة مؤقتا لأغراض ترتبط بالبناء، أو شغل الأملاك الجماعية العامة مؤقتا لأغراض تجارية أو صناعية أو مهنية، أو شغل الأملاك الجماعية العامة مؤقتا بمنقولات أو عقارات ترتبط بممارسة أعمال تجارية أو صناعية أو مهنية.
وقد حدد هذا القانون كيفية تصفية واستخلاص الرسوم الناتجة عن الأصناف الثلاثة. انقف على أن استغلال مواقف السيارات المقامة على الأملاك العامة الجماعية لا يمكن إدراجه ضمن أي صنف من الأصناف المذكورة وعليه، فلا يمكن اعتبار هذه العملية، على الأقل من منظور القانون المذكور، شغلا مؤقتا للملك العمومي الجماعي، وهذا ما دفع ببعض القانونيين إلى اعتبار أن الأداء عن وقوف السيارات على الملك العمومي الجماعي هو إجراء غير قانوني.
لنعود من خلال توطئتنا السابقة الى الكشف عن السند القانوني لهذه العملية وللإتاوات المستخلصة تبعا لذلك ؟
فالجماعات الترابية تستند في استخلاص إتاوات وقوف العربات وإيجار مواقف العربات الواقعة على الملك العمومي الجماعي إلى مادة “يتيمة ” في القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات ، حيث جاء في مقتضيات “المادة 100” أن رئيس مجلس الجماعة يختص في اتخاذ قرارات تنظيمية من أجل تنظيم شروط وقوف العربات المؤدى عنه بالطرق والساحات العمومية والأماكن المخصصة لذلك من قبل الجماعة.
أما بخصوص الجانب الثاني من موضوعنا ، و هو حراسة السيارات في الشوارع العمومية، ونرى أنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال إعتبارها إحتلالا للملك العمومي من طرف من يقدمون هذه الخدمة، إنما هي نشاط غير مهيكل ينبني على تعاقد ضمني بين الحارس وصاحب السيارة، أي إنه يحق للطرفين، في إطار حرية التعاقد، الاتفاق على المقابل المالي للحراسة، أو ترك تحديده لصاحب السيارة.
كما يحق لهذا الأخير رفض الخدمة المقترحة من طرف الحارس، دون أن يكون مضطرا لتغيير مكان ركن سيارته هذا إن وجدت علامات خاصة بأن المكان مربد محروس وحددت اثمنته حسب نوعية العربات والدراجات وفي لوحة متبتة به ، مع العلم أنه من حق أي مواطن الطعن في مكان وجود هذه العلامات والسؤال عن سند تواجدها هل هو تنظيم لأماكن الركن المحروسة من قبل أعوان الجماعة الثرابية ، أم مفوت للغير ، وفي كلا الحالتين يحق للمتضرر اللجوء الى القضاء المختص ، كما في حالة وجود علامات الركن امام منزله او بشارع او مكان لا يدخل ضمن لائحة الاماكن المخصصة لركن السيارات وحراستها …
ونظيف في ذات السياق أن الخدمة المقترحة من طرف هذا النوع من التصرفات ، لا تعفي بتاتا الجماعة الترابية و الدولة من مسؤوليتها في حماية سلامة ممتلكات المواطنين في الشارع العام ، ويحق لمن تعرضت سيارته لأضرار ناتجة عن فعل جرمي أن يطالب بالتعويض عن هذا الضرر أمام المحاكم الإدارية المختصة.
كما يجب إثارة الانتباه إلى أن حراسة السيارات في الشوارع العمومية لا تطرح إشكالات قانونية فقط، إنما تشكل في أحيان عدة مصدرا لإزعاج المواطنين وابتزازهم، خاصة مع انتشار الحراس العشوائيين بشكل كبير، مما يستوجب تدخل السلطات العمومية للحد من هذه الظاهرة ، أو العمل على تنظيم هذا النشاط غير المهيكل الذي تلجأ إليه فآت هشة و بشكل يضمن حقوق هذه الفئة وكرامتها من جهة، ويوفر شروط الطمأنينة لأصحاب السيارات من جهة أخرى.
وختاما ، وفي ضل غياب أي قانون خاص ينظم حراسة المرابد ، وفي إنتظار تدخل المشرع لتنظيم قطاع أسال لعاب العديد ممن يتصيدون جيوب المواطنين دون حق أو سند مشروع ، وجب التأكيد من جانبنا أن أي تفويت للمرابد يلزم الجهة المفوتة على ضرورة مراعات شروط العدالة المجالية و حق الشباب العاطل القاطن بالجماعة الثرابية المفوتتة للمربد لتحقيق دخل قار له ، و فيما يضمن اولويته باعتباره من ابناء منطقة يتطلب الأمر فيها تواجد مرابد محروسة خلال طول السنة او فترات معينة منها ، كفترة العطلة الصيفية مع تشكيل لجن مراقبة مشتركة تعمل على ضبط كل مخالفة بهذا الخصوص .
ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.