عادت الأكياس البلاستيكية إلى الظهور بشكل قوي في عموم الأسواق المغربية، بعد فشل السلطات في محاربتها بسبب ضغط لوبي المصنعين، وهو ما أثار قلق فعاليات مدافعة عن البيئة.
وقادت مختلف السلطات خلال السنوات الأخيرة عملية محاربة الأكياس والحد من ترويجها، رافعة شعار الحفاظ على البيئة، حيث تم حجز كميات مهمة من الأكياس البلاستيكية وتوقيف العديد من المروجين لهذه البضاعة المحظورة، غير أنه سرعان ما تلاشت عمليات التدخل لمحاربة الأكياس البلاستيكية لأسباب مجهولة.
عوامل تساهم في تفشي “الميكا” داخل الأسواق
تقف مجموعة من العوامل وراء عودة الأكياس البلاستيكية إلى الأسواق، متحدية الإطار التشريعي الخاص بمنع إنتاجها وتداولها، أهمها تفاقم نشاط القطاع غير المهيكل، وصعوبة التحكم والمراقبة وتطبيق القانون، وتنامي نشاط وحدات التصنيع السرية والتهريب بين المدن.
وحسب مصادر مهنية، فإنه ورغم التضييق على استيراد وتوزيع مادة “البولي إيثلين”، التي تعتبر المادة الرئيسية في تصنيع الأكياس البلاستيكية، واصل الإنتاج في المعامل والوحدات السرية نموه، وقفز إلى مستويات قياسية، أثرت بشكل إيجابي على سعر بيعها بالجملة.
وإلى جانب ذلك، أشارت المصادر نفسها إلى استمرار التكلفة العالية للبدائل المستدامة بالنسبة إلى المستهلكين، ونقص وغياب قنوات إعادة التدوير المناسبة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى حلول تدبير النفايات البلاستيكية.
ومن جهة أخرى، ساهم تراجع وتيرة المراقبة مقارنة مع السنتين الأولى والثانية من دخول القانون المتعلق بمنع إنتاج وتسويق واستعمال الأكياس البلاستيكية في السوق الداخلية حيز التنفيذ، في عودة صناعة “الميكا” إلى الانتعاش، ولو بشكل غير ظاهر، حيث أن عمليات المراقبة التي كانت تباشرها اللجان المختلطة وأيضا تلك المنجزة من قبل مصالح الجمارك، كانت تعزز الجانب الزجري للمراقبة، وتكبح تمدد نشاط الأكياس البلاستيكية.
تداعيات وخيمة
حذرت دراسات حديثة من خطورة تفشي الأكياس البلاستيكية التي تتحول بعد التخلص منها إلى طعام للطيور والأسماك والثدييات، وهو ما يؤثر على النظام البيئي، في حين تشير التوقعات إلى ارتفاع مخلفات البلاستيك في المحيط لتتجاوز الأسماك، بحلول عام 2050.
وتنبه ذات الدراسات إلى صعوبة القضاء التام على الأكياس البلاستيكية خلال السنوات القادمة، رابطة ذلك بضعف القوانين والتشريعات، وغياب الإرادة السياسية، وضغط لوبيات صناعة البلاستيك والتجار.
ومن جهتها، ترى العديد من الفعاليات البيئية أن البدائل للبلاستيك ليست محفزة بالشكل الكافي، مشددة على أن إنهاء نشاط “الميكا” في الأسواق يستلزم العودة إلى منطق الحملة في المراقبة، مع إعداد أرضية لازمة لضمان نجاحها، من خلال سلك مجموعة من الخطوات.
وتقترح هذه الفعاليات زيادة التوعية المجتمعية بطرق تعليمية مختلفة حول سلسلة التلوث البلاستيكي وتحسين اتخاذ للقرارات اليومية لصالح الحلول البيئية، إضافة إلى تحرك السلطات من أجل تنظيم تكوينات للشباب والنساء في مجال جمع ومعالجة وإعادة تدوير البلاستيك، والاهتمام بتطوير إنتاج بدائل للأكياس البلاستيكية، ودعم إنشاء تعاونيات لإعادة تدوير البلاستيك.
وفضلا عن ذلك، تنادي الفعاليات المدافعة عن البيئة والصحة العامة بتعزيز القوانين واللوائح، وتشجيع البحث والابتكار في تدبير النفايات البلاستيكية، ناهيك عن توضيح الاتفاقيات الدولية والتشريعات المتعلقة بالمواد البلاستيكية.