النيران الكثيفة التي عرفتها عدة مناطق مختلفة ، ليس فقط في وطننا حفظه الله ، ولكن كذلك في ربوع العالم ، والتي ترجع أسبابها الرئيسية إلى الارتفاع الكبير في درجات الحرارة ، بسبب التغييرات المناخية الحادة كنتيحة لظاهرة الاحتباس الحراري ، الظاهرة التي عقدت من أجلها مؤتمرات إقليمية ودولية تدعوا الإنسان إلى إعادة نظره في تعامله مع الطبيعة، وفي علاقته بالمجال الحيوي الذي يعيش فيه .
دول العالم أبرمت اتفاقيات هامة بخصوص موضوع التغيرات المناخية لا يتسع المجال لذكرها ، ولعل المغرب كان حريصا على الانضمام إلى هذا الصرح العالمي والى وضع بصماته في مجال حماية البيئة ، والعمل على تنفيد التوصيات الأخيرة التي خلص اليها مؤثمر مراكش للبيئة كوب 22 . لا أحد ينكر أو يجاحد في المجهودات الجبارة التي قامت بها الدولة المغربية و مؤسساتها و حتى الجمعيات والهيئات المدنية المترافعة من أجل تحقيق هدف العيش في بيئة سليمة ، كحق من حقوق الإنسان يلخص معنى الحق في الحياة ، جهود لا يمكن أن تدهب سدا ، في عدم امتثال الفاعل الصناعي في هذا المشروع و مدى احترامه لدفاثر التحميلات التي أصبحت تفرض شروط نوعية وملزمة للتصنيع وإعادة التصنيع تحترم البيئة وتضمن اقل مستوى من مستويات التلوث.
لعل مادفعنا إلى كتابة هذه السطور القليلة ، التي لا يمكن أن تشفي الغليل في كل كتب من ابحاث علمية عن البيئة و محاربة التلوث بمختلف أنواعه ، هو ما عرفه إقليم أكادير على مستوى مطرحه الوحيد الذي يضم وحداث مهمة لمعالجة النفايات ، وكذا لاعادة تجميع المواد المصنعة البلاستيكية وغيرها من المواد التي يتم عزلها وإعادة توجيهها للتصنيع من جديد ، في إطار عملية تهدف إلى الحفاظ على سلامة البيئة بناء على قاعدة ” لا شيئ يضيع كل شيئ يتحول ” ، وهي قاعدة إتبعتها العديد من الدول الصناعية ، ليس حبا في البيئة فقط ولكن كنتيجة لندرة المواد الأولية والى تقليص تكلفة الإنتاج على حساب الجودة وصحة الإنسان و سلامة البيئة .
اليوم كما قلت يا سادة، اندلع حريق مهول تجهل اسبابه لحد ساعته ، ولكن لعب فيه الارتفاع الكبير لدرحة الحرارة دورا لا محالة ، وذلك بالمستودعات الخاصة بإعادة تدوير مخلفات النفايات البلاستيكية بجوار مطرح تاملاتست بأكادير ، هذا الحريق الذي خلق تخوفا كثيرا في أوساط الساكنة القريبة من مكان حدوته و كذلك مخاوف من امتداده نحو مناطق تضم الغازات السامة . غير أنه ومدى لله فبفضل تجربة وكفاءة رجال الوقاية المدنية وخبرتهم في التغلب على مثل هذه الحرائق التي قد تتعرض لها منشآت صناعية تستعمل مواد بلاستيكية من مصدر نفطي كيميائي وكذلك السلطات المختلفة ، التي كان لها فضل مباشرة عملية إخماد النيران بما يضمن سلامة المواطنين والمنشآت القريبة من رقعة الحريق ، الأمر الذي يدفعنا إلى وضع سؤال مهم عن مدى المراقبة الصارمة التي يجب أن تخضع لها المنشآت الصناعية سواء القريبة من التجمعات السكنية وحتى التي تتمركز بمناطق صناعية مخصصة لمختلف الوحدات الصناعية والتي يمنع فيها إقامة منشآت سكنية ولا حتى منح رخص السكن اللهم المنشآت التي تخصص لإيواء العمال والمستخدمين المداومين أو المستخدمين المكلفين بالحراسة والأمن والمراقبة والتي يرجع أمر متابعتها ومراقبتها للمصالح المختصة بمراقبة وتفتيش الشغل .
كما لا يحب إغفال ما للسلطات الولائية ، و المصالح الإدارية التابعة للوزارات المختصة في قطاع الصناعة والتجارة من مسؤولية كاملة في التراخي و التساهل ، في مراقبة مدى احترام المشاريع المذكورة لقواعد السلامة ، ومدى احترام شروط حماية البيئة ، والمجال الذي يضم مثل الوحدة موضوع الحريق وكذا السلطات المحلية التابع لنفودها مطرح النفايات والأشخاص الذاتيين أو الاعتباريين المكلفين بتجميع المواد البلاستيكية وتخزينها في أماكن عشوائية والذي يسخرون عربات مجاورة بدواب أو غيرها تجول شوارع المدينة ليل نهار دون حسيب ولا رقيب ، و تحقق أرباح طائلة رغم عدم خضوعها لأي مراقبة جبائية ، لتبقى معها سلامة الإنسان والبيئة امام علامة استفهام مستمر ..؟؟..
ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان.
التعاليق (0)
التعاليق مغلقة.