كنت أجلس على الدوام إلى جانب صديقي مبارك في أقسام الرابعة إعدادي في أواخر الثمانينات وكان وقتها تلميذا بدويا بالمفهوم الإيجابي : الصدق ، الأخلاق ثم الاجتهاد وشاء قدره أن يعرض عليه أحد معارفه تسيير وكالة بريدية تابعة لإدارة البريد بدوار بلدته،
كانت هذه الفرصة وقتها حلما يضاهي التعيين في الوظائف المهمة حاليا، فما كان للسيد مبارك إلا أن يتوقف عن دراسته بينما استأنفت أنا دراستي حتى الحصول على الإجازة والتعيين. عقب ذلك زارني في سنة 2021 وسرد علي معاناته: تقدمه في السن- كبر أبنائه- لم تسوى وضعيته اتجاه بريد المغرب على امتداد أكثر من 30 سنة إلى الآن، والأخطر ما في الأمر كله أن سقف أجرته بالكاد وصل 352.00 درهم (ثلاثمائة و اثنان و خمسين درهما) وكانت هذه الأجرة تضاف لها بعض التعويضات لا تتجاوز مبلغ 700.00 درهم شهريا في المعدل لما كانت الوكالات البريدية نشيطة خلال عقد التسعينات (الحوالات البريدية + خدمات الهاتف+ التلغراف -توزيع الرسائل…..) مع الحرمان المطلق من التسجيل في نظام التقاعد والتغطية الصحية والعطل السنوية والتعويضات المقررة لأطر البريد.
عرض معاناته ووضعيته على القضاء الإداري الذي سوف يقول كلمته يوم 08/05/2025 بقرار من محكمة الاستئناف الإدارية بأكادير ومع ذلك يبقى السؤال المطروح عريضا ويتوجب أن تجيب عنه الحكومة الآن .
هل فعلا تعتبر إدارة البريد مستثناة من الخضوع للقانون؟
هل يتصور أن يسمح لهذه الإدارة أن تؤدي لمسيري الوكالات ما يخالف الحد الأدنى للأجر في القطاع العام؟
هل يسمح للحكومة أن تنخرط في حوارات اجتماعية مع شغيلة القطاع الخاص وتهمل شغيلة القطاع العمومي وبالأخص شغيلة إدارة البريد؟
هل من المقبول شرعا وقانونا أن يظل مسيرو الوكالات البريدية بدون انخراط في نظام التغطية الاجتماعية والصحية والتقاعد؟ .
هل يتصور أن تستقبل حكومتكم ضيوف كأس العام بما يليق إيواءََ ومأكلا وترفيها، بينما تعيش فئة من الشعب الاستعباد بأبهى صوره؟
فاعل جمعوي
التعاليق (0)