بالأرقام.. استنزاف المخزون السمكي يتواصل في سواحل المغرب، والدريوش تراجع مخطط مصيدة “السردين” و”الشرن”

الاقتصاد والمال

تتواصل الأزمة غير المسبوقة التي يعيشها قطاع السردين في المغرب بفعل تداخل عوامل مناخية وأخرى بشرية تقودها لوبيات نافذة متورطة في استنزاف المخزون البحري، مستغلة ثغرات الرقابة وعلاقاتها المتشعبة داخل دوائر القرار.

وتتجاوز أزمة السردين في المغرب الجانب البيئي لتأخذ بعدا اقتصاديا واجتماعيا حادا، حيث يشكل هذا النوع من الأسماك العمود الفقري لصناعة تصبير السمك التي تشغل آلاف اليد العاملة وتعد من ركائز التصدير البحري الوطني.

تراجع مهول

أكد رئيس الاتحاد الوطني لصناعات مصبرات السمك، المهدي الدهلومال، أن وضعية القطاع تراجعت منذ حوالي سنتين ونصف، موضحا أنه إلى حدود سنة 2022 كانت الوضعية مستقرة في مستوى جيد نسبيا، وذلك رغم بعض التحديات مثل مشاكل التسويق، بحيث تمكن المنتجون من المواكبة والتأقلم مع مشاكل القطاع.

وأضاف الدهلومال أن سنة 2023 سجلت نقصا كبيرا في السردين الذي يمثل أكثر من 80 في المائة من الأسماك السطحية التي يتم صيدها، والتي تبلغ حوالي مليون و300 ألف طن، علما أن صناعة مصبرات السمك بالمغرب بنيت منذ عقود على الثروة السمكية من السردين، والذي تعتمد عليه الأسواق العالمية أيضا.

وأوضح رئيس الاتحاد أن صيد السردين تراجع في 2023 بـ 30 في المائة مقارنة بـ2022، كما تم تسجيل في 2024 ناقص 22 في المائة مقارنة بـ 2023، مبرزا أن هذا الصيد تراجع بـ 46 في المائة ما بين سنة 2022 و2024.

كما زادت حدة هذا النقص، بحسب المتحدث، إلى 68 في المائة ما بين يناير إلى أبريل 2025، مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2022.

عوامل مناخية وبشرية

عزا رئيس الاتحاد الوطني لصناعات مصبرات السمك تراجع المخزون السمكي من السردين إلى عوامل مناخية وبشرية، حيث أفاد بأن التغيرات المناخية التي عانت منها مختلف القطاعات أثرت أيضا على الثروة السمكية، كما زادت الظواهر المناخية مثل “النينيو” من حدة هذه التقلبات، بحيث أثرت على أنماط هجرة السردين.

وبخصوص تأثير العنصر البشري، سجل المتحدث أنه يتمثل في عدم احترام الراحة البيولوجية الموسمية، بالإضافة إلى الصيد المفرط، والذي لا يسمح بتجديد المخزون ما يؤدي إلى تراجع الثروة السمكية، فضلا عن صيد الأسماء الصغيرة والصيد غير المشروع للسردين، مشيرا إلى أن السردين الصغير يحتاج إلى حوالي 24 شهرا ليصل إلى الوزن المثالي للتسويق والتثمين.

ومن جهتها، تحدثت مصادر مهنية عن عوامل أخرى ترتبط بأنشطة صيد غير قانونية تنفذها بواخر قدمت من إسبانيا إلى سواحل الداخلة، بعد منعها من الصيد في المياه الأوروبية، لتستهدف مخزون السردين المغربي وأنواع محمية مثل “الكوربين” و”الباجو”.

وأكدت المصادر نفسها أن لوبيات الصيد تضغط على وزارة الصيد البحري لتعطيل أو تخفيف إجراءات إصلاحية، مثل تحديد حصص صارمة أو تشديد العقوبات على إعادة الأسماك الميتة إلى البحر.

مراجعة مخطط تهيئة مصيدة الأسماك السطحية الصغيرة

في خضم الجدل الدائر حول تراجع المخزون السمكي، وفي ما يبدو أنه محاولة لامتصاص غضب مهنيي القطاع الذين تحدثوا مؤخرا عن جملة من الخروقات، شرعت كتابة الدولة في مراجعة وتحيين مخطط تهيئة مصيدة الأسماك السطحية الصغيرة، في إطار برنامج عمل بدأ تنفيذه سنة 2024، ويعتمد على مشاورات واسعة مع مختلف الفاعلين في القطاع.

وفي هذا السياق، كشفت كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، زكية الدريوش، يوم الإثنين 11 غشت الجاري، أنه تم الاتفاق على جملة من الإجراءات، أبرزها تحديد القامة التجارية للأسماك السطحية الصغيرة، وحماية المناطق الصخرية، فيما لا تزال تدابير أخرى قيد النقاش، في انتظار صياغة مسودة قرار لتعديل وتتميم القرار المنظم للمصيدة.

وأكدت الدريوش استمرار تطبيق نظام الراحة البيولوجية منذ 2022، إذ تم توقيف الصيد في المصيدة الأطلسية الوسطى من فاتح يناير إلى 15 فبراير 2025، وفي المصيدة الأطلسية الجنوبية إلى 24 فبراير من العام نفسه.

وفي سياق حماية صغار الأسماك، تم منع أنشطة الصيد بمناطق تركيزها بين العيون وطانطان لمدة سنة قابلة للمراجعة حسب نتائج التتبع العلمي، كما شمل المنع مناطق التفريخ بسواحل آسفي، وذلك بهدف تعزيز فرص تكاثر المخزون.

وترى كتابة الدولة أن هذه الإجراءات ستساهم في ضمان وفرة الموارد البحرية، وتلبية احتياجات السوق الوطنية، وتعزيز إمدادات مصانع التثمين، بما يدعم استدامة فرص العمل، خاصة مع بوادر التحسن النسبي في كميات السردين المفرغة بعدد من الموانئ.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً