” ترّحب الجزائر بالقرارات الصادرة يوم 4 أكتوبر عن محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي والتي تؤكد عدم شرعية الاتفاقيات المبرمة مع المملكة المغربية…”
بهذه الفقرة افتتحت وزارة الخارجية ما سمّته ( بلاغ صحفي) للتعبير عن موقفها الترحيب بهذا القرار القضائي معلمة من ذلك بأن الأمر يعنيها كطرف ثالث بناءً على بقية فقرات هذا البلاغ..
وحين نعود إلى الموقعين أسفل هذه الإتفاقيّات نجد كل من المملكة المغربية التي اعتبرت ان القرار لا يعنيها لا من قريب اوبعيد
مقابل توقيع ممثل المفوضية الأوروبية التي خرجت أغلبية دولها تعبر عن تمسكها بالعلاقات الاستراتيجية مع بلدنا وبشكل مسترسل خلال 48 ساعة الأخيرة
وبينهما هذا النيف الجزائري الذي تطفّل على اتفاقيات الغير.. وتدخل في ما لا يعنيه شبيه ذاك الوسخ بين اللحم والظفر..
هي حقيقة هذا النّظام.. بعيداً عن أيّ وصف هجومي / هجائي.. حتّى انها الدولة الوحيدة في العالم التي رحّبت بالقرار وكانّ الصحراء جزائريّة.. كي تطالب الدول الأوروبية الإمتثال والخضوع للقرار وتنفيده حسب ما جاء في البلاغ الصحفي :
“.. وعلى الدول الأوروبية ان يمتثلوا لروح ونص هذه القرارات في صيغة نهائية لا تقبل أيّ سبل إضافية للنقض او الاستئناف”
من فضلكم أعيدوا قراءة هذه الفقرة لتقفوا عن الدور البطولي الذي ألبسه نظام تبون – شنقريحة لنفسه وبصيغة الآمر بعدم التفكير في نقض القرار او استئنافه
هي بطولة استثنائية لا أتصور ان دونكيشوط قد بلغ هذا السقف في مغامراته
لكن ما يثير الشفقة على هذا النظام هو إحساس بالفشل والعجز في مسايرة الاتحاد الأوروبي لنزواته وتحقيق رغباته المرضية والعداذية اتجاه بلدنا لذلك جاءت الفقرة الأخيرة من هذا البلاغ تعبيراً عن ذلك :
” وفي هذا الإطار تعرب الجزائر عن أسفها أمام قيام بعض الدول الأوروبية بإعلان عدم التزامها بقرارات محكمة العدل الأوروبية”
وقارنوا من فضلكم فقرة التأسف مع فقرة الإمتثال في بلاغ واحد لدولة تعيش على وقع التمزق والتيه كاي حيوان مفترس جريح متخبط في عزلته ومحاصر مع حدوده وفاقد لايّ تأثير او وزن وهبة ومصداقية
والحقيقة ان من يتابع ردود أفعال ومواقفها الايجابية الرافضة لهذا القرار القضائي الأوروبي سيفهم هذا التأسف الجزائري الذي عبّر عنه بكل وضوح بعد عنثرباته الترحيبية في مقدمة البلاغ.. إذ يعرف أننا أمام قرار موجود في المتن القضائي لكنّه ملغىً في الهامش على مستوى أجرأته وتطبيقه..
وهذا هو ببت القصيد في هذه الازمة مع الاتحاد الأوروبي الذي نبّه بيان وزارة الخارجية المغربية بتوفير الحصانة القانونية لاتفاقياته مستقبلاً.. بما يعني ان اي تجديد لهذا البروتوكول مستقبلاً لن يكون إلاّ بعد الاعتراف الصريح للاتحاد الأوروبي كمنظمة إقليمية بنغرلية الصحراء تحت سقف الحكم الذّاتي.. مما يجعل محكمتها تحت طائلة هذا الاعتراف مستقبلاً
غير ذلك.. فلكل طريقه.. ( وولد النعجة ياكل الذيب)
هي أزمة.. وككل الازمات تكون دائما افقاً للانتصار..
والايام بيننا..
وبين هذا النظام أيضاً الذي تجاوز بهذا البلاغ الترحيبي ما يسمّيه مناصرة القضايا العادلة للشعوب المستضعفة نحو العداء المطلق للأمة المغربية الذي يحلم يوما ان يستيقظ على وقع اندثارها من الوجود..
وهي الحقيقة التي سيقف عندها كل من زار موقع AXIOS الإخباري المتخصص في التسريبات الشديدة الحساسية عمّا دار في لقاء لافروڨ بعطاف وطلبه الإستعطافي بضم الجزائر إلى مجموعة “بريكس”.. لتكون الصّدمة ك قويّة جدّاً سارعت وكالة الأنباء الجزائرية في اليوم الموالى لكتابة موضوع طويل تحت عنوان :
( ملف الانضمام إلى البريكس قد طوي بشكل نهائي)
بعد أن سمعوا من حليفهم ما يقطع الأمل في هذا الانضمام مقدّماً في ذلك سببين يجعلان الأمر غير ممكن حاليا؛
الأول يخص قيمة الدينار الجزائري المنهارة مما سيشكل عبئا على عملة “بريكس” الموحدة،
إضافة إلى أن الاقتصاد الجزائري لا يعتمد إلاّ على ريع المحروقات بنسبة 90%،
أمام هذه الصراحة / الصّدمة كان لـ وزير شنقريحة طلب التماس بأن ترفض روسيا كذلك عضوية المغرب إذا حاول الانضمام لهذا التكتل الاقتصادي،
هي العقلية العسكرية الحاكمة التي تشتغل بالسياسة العدائية للمغرب كامتداد طبيعي لتصريح سابق للوزير الجزائري سلّال الذي صرح بأن الاستثمار في مشروع السيارات كان الهدف منه إفشال مثيله بالمغرب
( أن الهدف من الاستثمارات التي جرى إطلاقها سنة 2014 في مجال صناعة السيارات، والتي كلفت خزينة الدولة 34 مليار دينار جزائري قبل أن تنتهي بالفشل، كان الهدف منها “تدمير” صناعة السيارات في المغرب. )
لنخبر اليوم هذا الوزير السجين بأننا في صدارة قائمة أكبر مصدّر للسيارات بافريقيا حسب بيانات مركز التجارة الدولية متجاوزاً جنوب أفريقيا التي كانت تتصدّر هذا القطاع لعقود طويلة
وبلغة البيانات دائما والتي لاشك ان ممثل الجزائر بمجلس الأمن قد اطّلع عليها بذاك الوجه المشؤوم وهو يتابع الخط التصاعدي للدول المؤيدة لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء كإحدى مرفقات التقرير الصادر يوم 30 شتنبر 2024
ويقف ممثل هذا النظام العبيط عن هذا التراجع المهول لأطر حته الانفصالية مقابل ارتفاع واضح في عدد الدول الداعمة للمغرب بعضوين دائمين في مجلس الأمن، هما الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا..
هي أرقام وبيانات مؤسسات دولية وليست إنجازات وهمية كما جاء في وصف الرئيس تبّون في نسخته الثانية اول أمس تعليقاً على أنبوب الغاز المغربي النيجيري..
وهي مناسبة للرد على كذبة سياسية خلال هذا اللقاء الإعلامي مخبراً العالم بأن الحكم الذاتي مقترح فرنسي من رئيس سابق ناسياً او متجاهلا قيادة جلالة الملك محمد السادس كولي العهد آنذاك مفاوضات العودة لعناصر الجبهة عبر قبول اقتراح الحكم الذاتي في ظل السيادة المغربية وما زال أرشيف هذا اللقاء يحتفظ بالصوت والصورة جملة شقيق مؤسس البوليزاريو البشير مصطفى السيّد مخاطبا ولي العهد المغربي آنذاك :
( أذني تطرب لسماع حكم ذاتي )
ولولا نظامكم الحقير الذي طار إليها الوفد المحاور مباشرة لتقديم تفاصيل هذا اللقاء النادر لكانت قضية الصحراء اليوم في خبر كان…
لولا حقدكم ايها الجنيرالات ومواقفكم العدائية اتجاه الجميع لوجد شباب اليوم فضاءً مغاربيا متكاملاً وكقوة إقليمية مؤثرة في محيطها الجيوسياسي – الاستراتيجي مع الضفة الأخرى المتوسطة وعمقه الإفريقي..
وهي المناسبة أيضاً لأنصح ” حبيب “الجماهير المغربية الرئيس تبّون بمقارنة دولته مع دولة الفيتنام ويتساءل عن سرّ دولة كانت لا شيء دمرتها الحرب إلى دولة صناعية هامة؟
وأنت ما زلت تتكلم حتى في النسخة الثانية عن الزيت والعجلات والقهوة والحليب..
السرّ أنهم لم يربطوا مصير وجودهم باغتيال الآخر المغربي كما هي عقيدتكم الوجودية
ما أوقحكم وأحقركم بهذه العقيدة المرضيّة
ألم يكن من الأفضل أن تُغلقوا افواهكم وتنسحبون في صمت الأموات ؟
يوسف غريب كاتب صحفي
تعليق واحد
مقال رائع جدا كالعادة واسلوبي يشدك ان تقراه حتى النهاية.