تتجه الأنظار في أكادير وسوس-ماسة إلى مشروع تمديد خط القطار فائق السرعة (LGV) جنوبًا، بعد أن عبّرت كوريا الجنوبية عن اهتمام متزايد بالمساهمة فيه، خلال اجتماع عُقد بمقر وزارة النقل واللوجستيك بين الوزير عبد الصمد قيوح والسفير الكوري يون يونجيان.
وبحسب المعطيات المتداولة، بلغت الدراسات التقنية والاقتصادية والبيئية مراحل متقدمة، على أن تُستكمل دراسات التخطيط خلال السنة الجارية، بما يوفّر الأسس الضرورية لضمان الجدوى والاستدامة مع احترام معايير السلامة والبيئة.
هذا الاهتمام لا ينفصل عن حضورٍ كوري آخذٍ في الاتساع داخل السوق السككية المغربية؛ ففي فبراير الماضي تم توقيع عقد بين “هيونداي روتيم” والمكتب الوطني للسكك الحديدية لتزويد المغرب بقطارات كهربائية مزدوجة الطابق تصل سرعتها إلى 160 كلم/س، في خطوة تُسهم في تعزيز الربط بين المدن وتخفيف الضغط على محاور التنقل الرئيسية.
من زاوية ساكنة أكادير، يحمل تمديد الـLGV رهانات عملية واضحة. أولًا، تحسين زمن التنقل نحو محاور السياحة والأعمال في الشمال، بما يرفع جاذبية أكادير وجهةً للاستثمار والسياحة ويُنعش سوق الشغل المرتبط بالخدمات والنقل واللوجستيك. ثانيًا، دعم سلاسل التوريد الزراعية والبحرية في سوس-ماسة عبر ربط أسرع وأكثر انتظامًا مع منصات التوزيع ومناطق الأنشطة الاقتصادية، وهو ما ينعكس على تنافسية المنتوجات الفلاحية والبحرية والتصنيع الغذائي. ثالثًا، فتح آفاق تعاون صناعي وتقني مع الشركاء الكوريين في مجالات العتاد المتحرك، ونقل الخبرة في التخطيط والسلامة والبيئة وتمويل المشاريع الكبرى، بما يخلق قيمة مضافة محلية وفرص تكوين للمهارات الشابة.
ورغم التقدّم في الدراسات، تبقى تفاصيل المسار الدقيق ومحطات التوقف والتكلفة والتمويل رهن الحسم التقني والمالي والمؤسسي. لذلك يظل من المهم بالنسبة لساكنة أكادير تتبّع مسار المشروع خلال الأشهر المقبلة، ولا سيما ما يتعلق بخيارات موقع محطة الانطلاق/الوصول داخل النسيج الحضري (أكادير الكبير/آيت ملول) وكيفية الربط مع مطار المسيرة وباقي شبكات النقل الحضري والجهوي، حتى تتحقق أكبر استفادة مجالية ممكنة.
وفي السياق نفسه، كان مسؤولون كوريون قد أشادوا بمناخ الأعمال في المغرب واعتبروا السوق المغربية استراتيجية طويلة الأمد، مع إبداء الاستعداد للمساهمة الفعّالة في “خريطة الطريق” السككية الوطنية في أفق 2040، وهو ما يمنح مشروع أكادير زخمًا إضافيًا.
هذا، ونحن أمام نافذة فرصة حقيقية لتقليص المسافات الاقتصادية، وجذب استثمارات جديدة، ورفع جودة التنقل اليومي والمهني. وإذا ترجم الاهتمام الكوري والتقدّم في الدراسات إلى قرارات تنفيذية ملموسة، فإن أكادير وسوس-ماسة ستكونان أمام نقلةٍ نوعية في الربط الترابي والاندماج الوطني، تُواكب مكانة الجهة كقاطرة سياحية وفلاحية ولوجستية جنوب المملكة.