رغم المؤشرات الإيجابية التي تطبع الموسم الحالي لإنتاج زيت الزيتون بالمغرب، إلا أن النقاش حول الأسعار ما يزال حاضرا بقوة في أوساط المستهلكين والمهنيين على حد سواء، بين من يرى أن وفرة الإنتاج لم تنعكس بالشكل الكافي على أثمان البيع، ومن يؤكد أن السوق يعرف تباينات مبررة ترتبط بالجودة والكلفة وهوامش التسويق.
وخلال الفترة الراهنة، تعرف أسعار بيع زيت الزيتون تفاوتا ملحوظا بين مختلف المناطق، حيث تتراوح في المتوسط ما بين 50 و70 درهما للتر الواحد، مسجلة انخفاضا مهما مقارنة بالموسم الماضي الذي تميز بندرة الإنتاج وارتفاع غير مسبوق في الأسعار.
ويأتي هذا التراجع في سياق موسم فلاحي جيد، بلغ فيه إنتاج الزيتون حوالي مليوني طن، ما أعاد التوازن نسبيا إلى السوق الوطنية، بعد سنوات اتسمت بندرة العرض وارتفاع حاد في الأسعار.
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن الانخفاض المسجل لم يكن موحدا، وذلك بفعل وجود اختلافات حتى بين الأسعار المعتمدة من طرف الشركات نفسها، حيث يتم تسويق بعض الأنواع بحوالي 55 درهما للتر الواحد، بينما تصل أخرى إلى 66 درهما، في حين تبقى الأثمان التي يقترحها الباعة الخواص أعلى قليلا من ذلك، ما يطرح تساؤلات حول منطق التسعير وهوامش الربح.
وفي هذا السياق، اعتبر مهنيون في القطاع أن بعض الأسعار المعروضة حاليا لا تعكس الفارق بين الموسم الحالي والسابق، علما أن كلفة الإنتاج في العديد من الحالات لا تتجاوز 50 درهما للتر الواحد.
وأشار ذات المهنيين إلى أن العوامل الطبيعية والاقتصادية كلها تصب في اتجاه تخفيض الأسعار، خاصة في ظل انخفاض ثمن الزيتون الخام الذي لا يتعدى في بعض المناطق 7 دراهم للكيلوغرام.
وأكد المتحدثون على أهمية التمييز بين أصناف زيت الزيتون المعروضة في السوق، سواء المحلية منها مثل “الحوزية” و“المنارة”، أو الأجنبية كـ“الأربيكوين”، مع ضرورة تحديد أسعار مناسبة لكل صنف على حدة، بما يضمن الشفافية ويحد من تأثير هوامش الأرباح المبالغ فيها على الثمن النهائي الذي يؤديه المستهلك.
وفي مقابل هذه الوفرة الإنتاجية، تعرف عملية جني وعصر الزيتون هذا الموسم بعض التحديات، أبرزها صعوبة توفير اليد العاملة، إلى جانب تأثير التساقطات المطرية التي تسببت في توقف مؤقت للنشاط بعدد من الضيعات والمعاصر، ما أدى إلى تأجيل جني كميات مهمة من المحصول.
ومن زاوية أخرى، أوضح نور الدين حمانو، رئيس الجمعية المغربية لحماية المستهلك والدفاع عن حقوقه، أن المغرب تجاوز الوضعية الحرجة التي ميزت الموسم الماضي، والتي اضطر خلالها إلى استيراد زيت الزيتون من الخارج.
وشدد حمانو على أن المرحلة الحالية تفرض انعكاس ارتفاع الإنتاج بشكل مباشر وملموس على الأسعار، معتبرا أن ثمن اللتر لا ينبغي أن يتجاوز سقف 50 درهما، خاصة في المناطق المعروفة بكثافة الإنتاج وتوفر المعاصر.
وشدد ذات المتحدث على أن ضبط هوامش الربح لدى التجار والشركات يبقى أمرا ضروريا لضمان استفادة المستهلك من تحسن الإنتاج هذا الموسم، مؤكدا أن زيت الزيتون مادة أساسية في المائدة المغربية، ولا ينبغي أن تبقى بعيدة عن متناول الأسر، خصوصا بعد سنة اتسمت بغلاء غير مسبوق.


التعاليق (0)