يتواصل الجدل حول واحدة من أكثر قضايا النصب تعقيداً بإقليم إنزكان أيت ملول، بعد أن كشف رجل أعمال م. أ الذي ينحدر من جماعة التمسية عن تعرضه لعمليتي نصب منفصلتين، قال إنهما ارتبطتا بشكل مباشر برجل سلطة يعمل ضمن نفوذ عمالة إنزكان أيت ملول، إضافة إلى سيدة من محيطه الأسري.
ففي تفاصيل الملف الأول، يؤكد المشتكي أن رجل السلطة أوهمه بقدرته على التوسط له لدى العامل السابق للإقليم قصد الحصول على رخصة لمحل تجاري للبيع التبغ، مقابل مبالغ مالية سلّمها له بأحد المقاهي قرب مطار المسيرة. غير أن وعود “التدخل” —بحسب الشكاية— لم تكن سوى وسيلة لابتزازه والإيقاع به، بعدما اتضح أن الرخصة لم تكن مرتبطة بأي مسطرة حقيقية، لينتهي الأمر بخسارته مبالغ مهمة دون تحقيق أي من الوعود المقدمة.
أما الشق الثاني من القضية، فيمتدّ إلى خارج المغرب، حيث يؤكد رجل الأعمال أن قريبة رجل السلطة —وهي مقيمة ببلجيكا— استغلّت حاجته لتسوية وضعية إقامته رفقة أبنائه، فأوهمته بقدرتها على تسهيل حصولهم على الإقامة في بلجيكا، مقابل مبلغ مالي ضخم بلغ 60 مليون سنتيم. ويتهم المشتكي رجل السلطة ذاته بكونه شارك أو ساهم في هذه العملية، سواء من خلال الوساطة أو عبر دعم الوعود المقدمة من قريبة زوجته، ما عزّز ثقة الضحية في المشروع الوهمي.
وقد أصدرت المحكمة الابتدائية حكماً ببراءة رجل السلطة من التهمة الثانية المتعلقة بالنصب المرتبط بملف الإقامة، فيما أدانت أخت زوجته بسنة حبسا نافذاً وتعويض مدني لفائدة الضحية قدره 40 مليون سنتيم. غير أن الملف ما يزال مفتوحاً، بعد استئناف الحكم وانتظار قرار محكمة الاستئناف التي ستبتّ نهائياً في الوقائع المعروضة عليها.
القضية لم تبقَ حبيسة ردهات القضاء فقط، بل تحولت إلى ملفّ حقوقي بامتياز، بعدما دخلت الشبكة المغربية لحقوق الإنسان والدفاع عن الوحدة الترابية للمغرب على الخطّ. وقد قامت الشبكة بمراسلة عدة جهات رسمية، من بينها وزارة الداخلية، وعمالة إنزكان أيت ملول، وولاية جهة سوس ماسة، إضافة إلى سفارة بلجيكا بالرباط وسفارة المغرب ببلجيكا، مطالبة بالتدخل العاجل لفتح تحقيق موسّع حول وقائع النصب وما رافقها من شبهة استغلال النفوذ.
كما وضعت الشبكة ملفاً رسمياً لدى محكمة الاستئناف لمؤازرة الضحية ومتابعة كل التطورات القانونية، معتبرة أن القضية تحمل مؤشرات “نصب منظّم” يستدعي تعميق البحث لتحديد كل المسؤوليات وترتيب الجزاءات القانونية.
وبين الاتهامات، الأحكام القضائية، وتدخل المنظمات الحقوقية، يظلّ الملف مفتوحاً على تطورات جديدة قد تكشف المزيد من المعطيات، في انتظار كلمة القضاء الاستئنافي التي ستحدد مآل واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في الإقليم خلال السنوات الأخيرة.


التعاليق (0)