تعيش الساحة التعليمية بمدينة تيزنيت خلال الموسم الدراسي 2025/2026 على وقع توتر غير مسبوق، بعدما فجر أطر مدرسة المختار السوسي قضية وصفت بأنها تعكس عمق أزمة تدبير المنظومة التربوية على المستويين الإقليمي والجهوي.
وفي بيان شديد اللهجة، كشف الأساتذة عن “الاختلالات البنيوية” التي قالوا إن المؤسسة غرقت فيها، متهمين المسؤولين بـ “التفكيك الممنهج” للتعليم و “التغاضي المقصود” عن ممارسات تمس مبدأ تكافؤ الفرص، خاصة في ما يتعلق بالتربية الدامجة الموجهة للتلميذات والتلاميذ في وضعية إعاقة.
وأشار المصدر ذاته إلى أن المدرسة تحولت هذه السنة إلى “مسرح للفشل الإداري” بعدما تم تجميع 36 تلميذا في وضعية إعاقة داخل الأقسام، في مخالفة صريحة لمقتضيات المذكرة الإقليمية 23/6255 الخاصة بتخفيف البنية التربوية، والقرار الوزاري 19/047 المتعلق بالبرنامج الوطني للتربية الدامجة.
ويرى الأساتذة أن هذا الوضع “لا علاقة له بفلسفة الإدماج”، بل يعمق الهشاشة ويحول العملية التعليمية برمتها إلى “عرض كوميدي مأساوي”، مشددين على أن القرارات المنظمة للتربية الدامجة تعيش حالة “إفراغ تام” وأن البرامج الرسمية لم تعد سوى “مجرد وثائق مزخرفة” بلا أثر فعلي.
وفي جانب آخر، سلط البيان الضوء على ما وصفه بـ “اختلالات فاضحة” شابت الإصلاحات التي خضعت لها المؤسسة خلال صيف 2025 في إطار مشروع تأهيل مؤسسات الريادة، حيث ظهرت عيوب جلية في الأبواب الحديدية المركبة، إلى جانب صباغة متفتتة واستمرار غياب الربط بالإنترنت، وهو ما اعتبروه دليلا على ابتعاد العملية الإصلاحية عن أهدافها، حتى بدت المؤسسة أشبه بـ “سفينة بلا بوصلة”.
ولم يتوقف البيان عند هذا الحد، بل انتقد بشدة طريقة تدبير البنيات التربوية، متهما المديرية الإقليمية بتيزنيت بغياب رؤية واضحة، وبأن التعديلات تتم وفق “الأهواء والولاءات” بعيدا عن حاجيات المتعلمين واستراتيجيات خارطة الطريق 2022-2026.
وفي سياق متصل، ندد الأساتذة بما وصفوه بـ “الفوضى في تدبير الموارد البشرية”، مؤكدين أن معالجة الفائض والخصاص تسير بمنطق “الاستعجال الارتجالي”، فضلا عن الإشارة إلى “ممارسات انتقامية” طالت أربع أستاذات بالمؤسسة عبر “تحريض” لجان للضغط عليهن و”الانتقاص من كفاءتهن المهنية”، الأمر الذي يرونه اعتداء على كرامة الأطر التربوية.
وخلص الأساتذة في بيانهم إلى أن ما يجري داخل المدرسة “ليس مجرد أعطاب عابرة، بل نزيفا مستمرا يضر بالمتعلمين، وخاصة ذوي الإعاقة، ويهدر جهود الأطر التربوية”، مطالبين عامل إقليم تيزنيت بالتدخل العاجل، ومدير أكاديمية سوس ماسة بفتح تحقيق وافتحاص شامل للمصالح المسؤولة عن هذه “الاختلالات”.
وشدد ذات الأساتذة على ضرورة تفعيل المساءلة، بما يضمن تصحيح الوضع القائم ويحفظ كرامة الأطر التربوية وحقوق المتعلمين، حماية للمنظومة من انزلاقات قد تعمق فقدان الثقة في المؤسسة التعليمية.


التعاليق (0)