رغم التساقطات.. الفلاحون يتخوفون من سنة ثامنة من الجفاف بالمغرب

البيئة والمناخ

رغم التساقطات المطرية الأخيرة التي أعادت شيئا من الأمل إلى الأوساط الفلاحية، ما يزال القلق يخيم على المزارعين والمختصين في الشأن المائي بالمغرب، الذين يتوجسون من استمرار شبح الجفاف للسنة الثامنة على التوالي، في ظل مؤشرات مناخية غير مطمئنة وتراجع مستمر في الموارد المائية.

ووفقا لتوقعات المديرية العامة للأرصاد الجوية، فمن المنتظر أن تعرف بعض مناطق المملكة، اليوم الخميس، أمطارا أو زخات رعدية متفرقة، خصوصا بمرتفعات الأطلس الكبير وسوس والسواحل الشمالية ومنطقة طنجة، مع احتمال تسجيل تساقطات أخرى خلال الظهيرة بالسهول الوسطى والشمال الغربي للأقاليم الصحراوية.

ويرى عدد من الفلاحين أن هذه التساقطات تبقى محدودة في الزمان والمكان، ولا ترقى إلى المستوى الكفيل بإنعاش الفرشة المائية أو إنقاذ الموسم الفلاحي، خاصة أن التربة الجافة لم تعد قادرة على امتصاص المياه بسرعة، ما يجعل جزءا كبيرا من هذه الأمطار يتبخر أو يجري سطحيا دون أن يغذي المخزون المائي.

وعبر هؤلاء عن قلقهم الكبير من استمرار هذا الوضع، داعين إلى دعم أكبر من الدولة من خلال توفير المياه بطرق مستدامة وتشجيع استعمال تقنيات الاقتصاد في الماء، مثل السقي بالتنقيط والطاقة الشمسية في تشغيل المضخات، بدل تركهم يواجهون مصيرهم لوحدهم أمام التغيرات المناخية.

ومن جهتهم، أكد خبراء بيئيون أن المغرب يعيش منذ سنوات على وقع جفاف متواصل، تفاقم بسبب التقلبات المناخية الحادة التي غيرت ملامح الفصول، حيث أصبح الخريف شبه غائب، والشتاء يأتي متأخرا، مما يربك المواعيد الفلاحية ويهدد الزراعات الخريفية والحبوب والخضروات.

أما على مستوى الموارد المائية، فقد أوضح الخبراء أن نسبة ملء السدود لم تتجاوز خلال السنوات الخمس الماضية 35% من سعتها الإجمالية، مع تسجيل تفاوتات كبيرة بين الأحواض المائية، حيث تتركز أغلب الاحتياطيات في الشمال وأجزاء من حوض تانسيفت.

وحذر الخبراء من تطور الظاهرة إلى ما هو أخطر، إذ دخل المغرب مراحل متعددة من الجفاف، بدءا من الجفاف المائي، مرورا بالجفاف الهيدرولوجي، وصولا إلى احتمال بلوغ مرحلة جفاف التربة، التي تعد الأكثر خطورة لأنها تؤدي إلى تدهور خصوبة الأراضي الزراعية وفقدان قدرتها على الإنتاج.

وفي ظل استمرار هذه المؤشرات المقلقة، يبدو أن معركة المغرب مع الجفاف ما تزال طويلة، وتحتاج إلى رؤية استراتيجية شاملة توازن بين التدبير المستدام للموارد المائية، ودعم الفلاحين المتضررين، وتشجيع الزراعة الذكية التي تتكيف مع المناخ، فالتحدي لم يعد موسميا، بل أصبح مصيريا يرتبط بالأمن الغذائي والمائي للمملكة.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً