أنهت النيابة العامة، الأربعاء الماضي (5 نونبر 2025)، فصول قضية شغلت الرأي العام خلال الأسابيع الأخيرة، بعد أن قررت إخلاء سبيل شابة مغربية كانت قد وُضعت رهن الاعتقال الاحتياطي، إثر شكاية تقدّمت بها ضد رجل أعمال سعودي تتهمه بـ“الاستغلال والاحتيال” في إطار زواج غير موثّق.
وجاء هذا القرار عقب تنازل المستثمر السعودي عن شكايةٍ كان قد تقدّم بها ضدها، لتنقلب القضية بشكل مفاجئ بعد أن كانت الشابة هي من بادرت إلى التبليغ.
القصة التي بدأت بعلاقةٍ عاطفية ووعودٍ بالزواج، تحوّلت سريعاً إلى نزاعٍ قضائي معقّد، بعدما تقدّمت الشابة، البالغة من العمر 32 عاماً والمنحدرة من مدينة مراكش، بشكوى ضد رجل الأعمال الخليجي المقيم بالمغرب منذ أكثر من عشرين سنة، متهمةً إياه بـ“الاحتيال” عليها بعد إبرام زواجٍ تقليدي بصيغة الفاتحة. وتؤكد المشتكية أن الزواج تم بحضور عدلين وبموافقة عائلتها، لكنها اكتشفت لاحقاً أنّ العقد لم يتم توثيقه رسمياً، رغم وعودٍ صريحة بذلك.
وتضيف روايتها أن الرجل، الذي كان قد وعدها بتسجيل فيلا فاخرة باسمها بعد الزواج، تراجع عن التزامه، قبل أن يقوم بطردها من المنزل رفقة طفلها ومنعها من استرجاع أغراضهما، مع توجيه تهديداتٍ متكررة لها. هذه المعطيات دفعتها إلى التوجه إلى القضاء، غير أن المفارقة الكبرى كانت في إيداعها السجن بتهمة السرقة، بينما بقي الرجل الذي اتهمته في حالة سراح.
وأثارت هذه الوضعية موجة استياء عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر كثير من النشطاء أن ما حدث يعكس خللاً في توازن التعامل مع شكايات الطرفين، خصوصاً أن تهمة “السرقة” لا تنطبق قانونياً بين الأزواج أو من تربطهم علاقة زوجية مفترضة. وتحوّلت القضية إلى رمزٍ للنقاش حول حماية النساء في العلاقات غير الموثقة، وتطبيق القانون بشكل منصف بغضّ النظر عن الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي للأطراف.
وبعد أسابيع من الجدل والضغوط الحقوقية، جاء التنازل الذي قدّمه رجل الأعمال السعودي ليُعيد القضية إلى نقطة الانطلاق، حيث تم إخلاء سبيل الشابة في انتظار استكمال باقي الإجراءات القانونية، وسط ترحيب واسع من المنظمات النسائية والحقوقية التي رأت في القرار خطوة نحو إنصافٍ طال انتظاره.
ويرى مراقبون أن هذه القضية كشفت هشاشة الوضع القانوني للنساء اللواتي يدخلن في علاقات زواج غير موثقة، واعتماد الكثير من الحالات على الصيغ العرفية مثل “زواج الفاتحة” دون ضمانات رسمية، مما يترك الطرف الأضعف عُرضةً للاستغلال أو الابتزاز.
كما جدّدت الدعوات إلى تسريع إصلاح مدونة الأسرة وتحديث مساطر التوثيق، بما يضمن الاعتراف الكامل بحقوق المرأة والطفل في مثل هذه النزاعات.
وبينما أُغلق هذا الملف مؤقتاً على وقع الإفراج، يظل الجدل قائماً حول العدالة في تطبيق القانون وحماية الكرامة الإنسانية، إذ يرى كثيرون أن القضية ليست مجرد خلافٍ شخصي، بل مرآة تعكس الحاجة الملحّة إلى تشريعات أكثر إنصافاً توازن بين القيم الاجتماعية والضمانات القانونية، حتى لا تتحول قصص الحب والوعود إلى محاكماتٍ مؤلمة.


التعاليق (0)