تعد شجرة الأركان من الثروات البيئية والوطنية النادرة التي تتميز بها عدة مناطق من المملكة المغربية، وعلى رأسها جهة سوس ماسة، حيث تشكل مكونا أساسيا من التراث الطبيعي المغربي ومصدرا مهما للتوازن البيئي، فضلا عن دورها الاقتصادي والاجتماعي في دعم أنشطة التعاونيات النسائية المحلية وإنتاج زيت الأركان الذي يحظى بسمعة عالمية.
لكن هذه الشجرة الفريدة، التي صنفتها منظمة اليونسكو كمحمية طبيعية للإنسان والمحيط الحيوي، باتت تواجه في السنوات الأخيرة تهديدات متزايدة قد تعصف بمستقبلها.
ويأتي في مقدمة هذه التحديات ظاهرة الرعي الجائر، وغياب برامج محلية فعالة لحمايتها وتثمينها، إلى جانب تأثيرات التغيرات المناخية الحادة التي تعرفها البلاد، ما ينذر بفقدان هذا الموروث الطبيعي الفريد ويفوت على الساكنة فرصا حقيقية لتحقيق التنمية المستدامة.
وقد عرفت جماعة إمسوان، شمال مدينة أكادير، مؤخرا، حادثة بارزة تعكس خطورة الوضع، حيث هاجمت قطعان من الإبل محميات غابوية تحتوي على شجر الأركان، بالرغم من النداءات المتكررة للساكنة المحلية التي تطالب باحترام الرعاة الرحل للقوانين المنظمة للرعي والترحال، وكذا حماية المزروعات والزراعات المعيشية التي يعتمد عليها السكان في حياتهم اليومية.
ووُثقت هذه الواقعة في مقاطع فيديو تم تداولها على موقع “فايسبوك”، تظهر ولوج الرعاة إلى محمية للأركان وتوجيه قطعان الإبل نحو الأشجار والمزروعات، في مشهد أثار استياء واسعا في صفوف الساكنة والمهتمين بالشأن البيئي، ما جدد المطالب بتدخل عاجل من السلطات لحماية هذه الثروة.
وفي ظل هذه التحديات، ترتفع أصوات المطالبين بضرورة اعتماد مخطط متكامل لحماية شجرة الأركان بجهة سوس ماسة، يشمل مراقبة أنشطة الرعي، وإطلاق حملات توعية لفائدة الرعاة، وتحفيز الفاعلين المحليين على الانخراط في جهود الحفاظ على المحميات الطبيعية.
وإلى جانب ذلك، يطالب هؤلاء بتعزيز دور التعاونيات الفلاحية وتمكينها من أدوات تثمين هذه الشجرة، بما يحقق التوازن بين استغلال الموارد الطبيعية والحفاظ على البيئة، مشددين على أن شجرة الأركان ليست مجرد عنصر نباتي في منظومة بيئية، بل هي هوية وثقافة ورافعة اقتصادية ينبغي صيانتها للأجيال القادمة.
التعاليق (0)