أكادير:مقاربة حول الجمع بين الانضمام  إلى المعارضة  و الاحتفاظ بالعضوية داخل المكتب المسير للجماعة

الأستاذ نور الدين العلمي كُتّاب وآراء

أكادير24 | Agadir24

قارب قرار حديث لمحكمة النقض تحت عدد 807/1 بتاريخ 06/09/2018 قضية فك التحالف بين الأحزاب المشكلة للأغلبية المسيرة لمجلس باحدى جماعات ولاية أكادير و ما اذا كان من الممكن ملاحقة نواب الرئيس الملتحقين  بالمعارضة بالجزاء المقرر في المادة 68 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات.

قرار محكمة النقض المذكور ضل تمسكا بحرفية نص المادة المذكورة التي تقول :

ذا امتنع أحد نواب الرئيس، دون عذر مقبول، عن القيام بإحدى المهام المنوطة به أو المفوضة له وفق أحكام هذا القانون التنظيمي، جاز للرئيس مطالبة المجلس باتخاذ مقرر يقضي بإحالة طلب عزل المعني بالأمر من عضوية مكتب المجلس إلى المحكمة الإدارية. وفي هذه الحالة، يقوم الرئيس فورا بسحب جميع التفويضات  التي منحت للمعني بالأمر.

يمنع نائب الرئيس المعني، بحكم القانون، من مزاولة مهامه بصفته نائبا للرئيس إلى حين بت  المحكمة الإدارية في الأمر

  تبت المحكمة في الأمر داخل أجل شهر  تاريخ تسجيل الطلب لدى كتابة الضبط بهذه المحكمة.

 وأكدت في احدى حيثيات نفس  قرارها  ما يلي :

بالنسبة للمخالفات الثانية و الثالثة و الرابعة فإن فك التحالف بين الاحزاب المشكلة للأغلبية المسيرة داخل المجلس الجماعي و تقديم طلب عقد دورة استثنائية و دراسة برنامج عمل الجماعة خارج مقرها لا يمكن اعتبارها بدورها امتناعا عن القيام بالمهام على اعتبار ان ثبوت الامتناع المذكور يقتضي بداية تكليف النائب المعني بمهام معينة  ينبغي تحديدها بدقـة في اطار برنامج عمل واضح وامتناع النائب المذكور صراحة عن تنفيذ ما انيط به من مهام.

في الحقيقة إن الصيغ و الممارسات التي يعرفها العمل السياسي بالجماعات لا يمكن لنصوص القانون أن تلاحق جميع أشكالها و تلويناتها ، و النازلة التي تناولها قرار محكمة النقض تتلخص في إعلان حزب فك تحالفه مع الأغلبية المسيرة للجماعة و انضمامه إلى المعارضة ترتب عنه قيام النواب المنتمين إلى هذا الحزب بكل أنشطتهم إلى جانب فريق المعارضة داخل المجلس من قبيل توقيعهم إلى جانب فريق المعارضة على طلب عقد دورة استثنائية و تصويتهم ضد القرارات التي سبق لهم صياغتها داخل فريق الأغلبية و غير ذلك من الاشكال و التصرفات التي تجريها عادة فرق المعارضة بالمجالس.

الجماعة الطاعنة اعتبرت أن الانسحاب المذكور شكل من أشكال امتناع النواب المنسحبين عن القيام بالمهام المنوطة بهم مادام أنه لا يمكن لهؤلاء الاشتغال داخل أجهزة تسيير الجماعة و الانضمام إلى المعارضة في نفس الوقت، وطالبت  الجماعة على هذا الأساس بعزلهم من عضوية الجماعة عملا بأحكام المادة 68 المذكورة

محكمة النقض انضمت الى رأي  كل من محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش و الادارية الإبتدائية بأكادير قاضية برفض الطلب المقدم من طرف الجماعة الرامي الى عزل النواب المذكورين من المكتب المسير للجماعة فحافظ هؤلاء النواب  على صفتهم كنواب للرئيس  وضمنوا استمرار توصلهم بتعويضات النواب دون أن يتخلوا عن موقعهم الجديد كأعضاء بفريق المعارضة .

الشاهد في هذه الواقعة هو أن نص المادة 68 المذكورة لم يستغرق مثل الواقعة موضوع نازلة الحال على الرغم من ان فرضية و قوعها في أكثر من جماعة وارد جدا (مجلس جهة درعة تافيلات  نموذجا ) حصلت فيه نفس الواقعة  مما يسيء لتدبير الجماعة ويلقى بها في افق مسدود و يغلق في وجهها جميع فرص التنمية مما يتطلب من جهة تدخلا تشريعيا لمعالجة هذه الصورة من أشكال الامتناع عن القيام الضمني بالمهام داخل الأغلبية بمفهومه الإيجابي مع معاودة مقاربة القضاء  هذه الصورة و غيرها من أشكال الامتناع  ليتخذ فيها قرارات مبنية على الاجتهاد المتحرر من التوصيفات القاصرة التي تحددها القوانين المؤطرة للعمل السياسي بالجماعات.

و المناسبة شرط لإعادة التأكيد أن التقاليد و الممارسات السياسية الوطنية و الدولية تأبى أن يجمع المنتخب الجماعي بين موقعه في الأغلبية و موقعا اخر في المعارضة بما يوجب على الأحزاب تأطير أعضاءها بالتزام قواعد الشرف و ممارسة الشأن الجماعي بالكرامة والمصداقية والترفع عن  تحصيل  الريع من طرف جميع المنتخبين  ومنهم  على الخصوص أولئك  الذين  يدعون أنهم ينتمون  إلى حزب ملتزم  أوديمقراطي  .

وقد شهدت حكومة بن كيران الأولى حالة نموذجية معاكسة  بانسحاب حزب الاستقلال من الحكومة فاستقال الوزير الوفا من هذا الحزب الأخير (وهو عضو فيه) ليضمن استمراره كوزير في نفس الحكومة ذلك أنه من الاستحالة بمكان ان يبقى وزير بالحكومة و يحافظ في نفس الوقت على عضويته بحزب المعارضة الا اذا كان العبث السياسي المغربي كما شكلت احدى صوره واقعة تصويت فريق العدالة و التنمية الذي يقود حكومة العثماني بالامتناع عن التصويت على مشروع المادة 9 من قانون المالية2020 على الرغم من كونه مكون  وقائد أساسي  للأغلبية المسيرة للحكومة .

 

الأستاذ نور الدين العلمي محام بهيئة اكادير.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً