2030 على الأبواب.. هل يواكب سلوك الركاب صورة المغرب المستقبلية ؟

مجتمع

تحولت وسائل النقل العمومي في المغرب إلى فضاءات تعج بسلوكيات غير حضارية، طغى فيها البصق والشتم والحديث المرتفع والشجارات، حتى صارت هذه المظاهر مشهدا مألوفا في الحافلات.

هذه التصرفات، التي كانت في وقت مضى استثناء، أصبحت اليوم قاعدة يومية في فضاءات يفترض أن تنظمها قواعد الاحترام المتبادل، الأمر الذي يعكس تراجعا مقلقا في السلوك المدني داخل الفضاءات العامة، ويثير تساؤلات حول غياب الوعي الجماعي والتربية على المواطنة.

وفي هذا السياق، كشف المركز المغربي للمواطنة أن أكثر من 60 في المئة من مستعملي هذه الوسائل عاينوا سلوكات مخلة بالذوق العام خلال تنقلاتهم اليومية، وهو ما يعكس حجم الظاهرة واتساع رقعتها، ويشير إلى أنها لم تعد مجرد حالات معزولة، بل أصبحت جزءا من المشهد اليومي الذي يطبع حياة النقل العمومي في المدن المغربية.

وأظهرت دراسة للمركز، شملت 1173 شخصا، أن ستة من كل عشرة ركاب صادفوا سلوكيات مسيئة بالنظام داخل الحافلات، في مؤشر واضح على تفشي انعدام الذوق العام في الفضاءات المشتركة.

وتشهد ساعات الذروة تحولا لرحلات الحافلات إلى مشاهد من الفوضى العارمة، حيث يتدافع الركاب بقوة للظفر بمقعد، ويطرق بعضهم الأبواب بعنف لإجبار السائقين على التوقف، بينما يفرض آخرون موسيقاهم الصاخبة على الجميع دون اكتراث.

وفي خضم هذا الزحام، يلجأ بعض الآباء إلى إرسال أبنائهم لحجز الأماكن مسبقا، ويتسلل آخرون دون أداء التذكرة لضمان موقع مريح، فيما تُلقى النفايات على أرضية الحافلة، وتتعالى الشتائم وتحتدم النزاعات، لتتحول الرحلة إلى ساحة صراع يومي.

ومن جهة أخرى، يجعل الاكتظاظ من التلامس الجسدي أمرا لا مفر منه، وهو ما يؤدي أحيانا إلى اندلاع مشادات كلامية وشجارات، خاصة عند الصعود والنزول من الحافلات، في حين تتسبب هذه السلوكات في كثير من الأحيان في وقوع إصابات وسقوط ركاب، وخلق حالة من الفوضى تربك السائقين وتهدد سلامة الجميع.

ويرى متتبعون أن هذه الممارسات لا تسيء فقط إلى جودة النقل العمومي، بل تهدد صورة المغرب وهو يستعد لاستقبال العالم سنة 2030، كما تكشف هشاشة الفضاء العمومي وغياب ثقافة احترام الآخر في بعض الممارسات اليومية.

ويشدد هؤلاء على أن تحسين هذا الواقع لا يقتصر على تطوير البنية التحتية وتجديد الأسطول، بل يمر أساسا عبر ترسيخ قيم المواطنة واحترام الفضاء المشترك، من خلال التوعية، وتشديد المراقبة، وتفعيل القوانين المنظمة، فالمشهد الحضري لا يبنى بالحافلات الحديثة وحدها، بل بسلوك مواطن مسؤول يعي أن الفضاء العام ملك للجميع.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً