ويكاند كرة القدم السوسيّة : بين القادمين من الخلف والنّاجين من السّقوط

gharibe كُتّاب وآراء

agadir24 – أكادير24

أفق التوقّع في كرة القدم لا يصلح معه مادة الرياضيات ولا الحسابات الدقيقة الصارمة اومنطق عقلاني بل تمدّه دائما بدهشة غير متوقعة.. ولذلك يحبّها النّاس خصوصاً البسطاء مثلي حين يباغثهم لاعب ظل ضائعاً طيلة المقابلة فيحرز هدف الخلاص في الوقت بدل الضائع..او ان يفوز متديّل المجموعة على المتصدر الأول فيها.. ووو

هي جمالية وسحر  اللعبة الشعبية الأولى في العالم والإثارة الجماعية التي تولّدها مثل هذه التوقعات الحمقاء..

عن مستديرة يتنفّسها الناس هواءً.. يفرحون مرّة.. وفي أخرى تجعلهم يحزنون..

أمّا الدموع فهي دائمًا تنسكبُ؛ في الهزيمة، وفي النصر كذلك

لكن هذا الشغف الانفعالي كان استثنائيا لعشاق المستديرة بسوس هذا الويكاند.. بحيث عشنا جميعا نصف الفرحة والانتصار لفريقنا الأخضر بالدشيرة الجهادية وهو يبصم أجمل قصة نمودجية ناحجة ارتقت به إلى مصاف البطولة الوطنية الأولى الإحترافية بقدر ماكنت قلوبنا ترتجف صوب ملعب ادرار خوفاً من غزالة سوس الحمراء السقوط نحو الإندثار..

هكذا عشنا ليلة الجمعة – السبت بين انتصار مؤجل وخوف قادم.. لفريقين بين الأخضر والأحمر كعلم وطني وسط مملكتنا الشريفة..

فريقان يرويان قصتين متناقضتين  فالأوّل بمسار ناجح وملهم..

والآخر بنهاية تطبعها الدرامية حتى النفس الأخير من نهاية اللقاء..

وبينهما صخرة سيزيف بالأمل في الصعود نحو القمّة الذي لم يبدأ اليوم او اللحظة عند فريقنا الأخضر أولمبيك الدشيرة.. بل ومنذ الرعيل الأول آواسط ستينات القرن الماضي ومن جيل لجيل حتى كدنا لا نفرّق بين فريق العائلة الواحدة وبين عائلة الفريق التي ورثت ثقل الصخرة وآلامها وأمانة وصيّة الآباء وآمالها كما ترجمها السيد رئيس الفريق اليوم في إحدى حواراته الإذاعية الناذرة

( أتمنى أن أعيش لحظة الصعود إلى قسم الصفوة قبل أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً)

هذا الرئيس نفسه قبل أن يتولّى المسؤولية كان لاعبا سابقا بفريق العائلة ومن الفئات الصغرى وغيره من الذين صنعوا احتفالية الصعود اليوم الذي لم يكن إلاّ  وفاءً لوصية الرواد الأوائل وإهداءً لأرواحهم الطاهرة.. رغم كل العراقيل والإكراهات المالية واللوجستيكية كانت روح عائلة  الفريق حاضرة بقوة لمقاومة هذه الصعاب بكل معنويات نضالية سامية.. وقيم مدرسة كروية بصمت مشوارها بنظافة استثنائية طيلة العشر السنوات الأخيرة.. بين انتصار منتزع بقوة وشرف وهزائم يتذكرها التاريخ بالكثير من علامات الإستفهام..

كان الفريق يشق طريقه بنفس اجتهادي واسلوب جهادي حتى يكون يكون متناغماً لمنطقة الدشيرة الجهادية التي يمثلها اليوم بفرق الصفوة الوطنية

بهذه الروح يمكن اعتبار فريق أولمبيك الدشيرة قيمة رياضية بمنحى تربوي ثقافي إبداعي قادم من الخلف ومن الهامش كما قد يعتقد البعض.. لكن بمورث كروي متميز داخل الملعب بكل القيم الرياضية التي جعلت سجله الانضباطب نظيفا إلى حد بعيد.. وخارجه عبر البيئة الحاضنة من أسر وعائلات وجماهير كلها أهازيج وإبداعات..

هي الدشيرة الإبداع.. من اغنية تبغاينوست وفرقة هردامسو إلى مجموعة ازنزارن بقيادة الثنائي عبد الهادي والشامخ.. مرورا بالروايس مع تظاهرة بوجلود وكرنفاله هو الوهج  نفسه المترجم اليوم إلى نتائج رياضية عبر الفريق الأخضر السوسي أولمبيك الدشيرة الجهادية

هو الوهج الذي كاد ان يطفأ في اعين غزالة سوس وهي تقاوم السقوط عشية اليوم بملعب أدرار

( كاد ان..)   جملة نتمنّى ان تدفع الغيورين من أبناء المدينة وخارجها إلى الإلتفاف حول فريق حسنية أكادير بالإستثمار القار والحقيقي في النادي باعتباره قوة ناعمة للتراث اللامادي لشخصية سوس وبحمولته اللسنية والثقافية وقيمه الحضارية.. خاصة ونحن أمام صحوة رياضية سوسية تمتد من أكادير المدينة.. الدشيرة الجهادية وصولاً إلى فريق تزنيت القادم مستقبلاً إن شاء الله..

هي الصحوة التي لا شك ستلعب دوراً حاسماً في مواكبة الرهانات التنموية الكبرى التي تعرفها الجهة ذات الصلة بأقاليمنا الجنوبية

فنحن في وسط المملكة.. ولا مبرر لأيً احد من ذوي صناع القرار بالجهة أو اغنياء سوس ان يخلفوا الموعد مع اللحظة التاريخية لجهتنا..

فالجهاد الأكبر قد بدأ.. وكرة القدم لم تعد رياضة تافهة خاصة بالبسطاء بل هي  فرصة للشعوب كي تظهر قيمها الثقافية والحضارية لحظة التفاعل مع غيرها من الأمم والشعوب.. وبالتالي ينبغي أن ننظر إليها كقوة دافعة تؤثر إيجاباً على المجتمعات الشبابيّة..

هي لحظة رياضية استثنائية بسوس

فالشكر موصول لصناع الفرح بالدشيرة الجهادية

موصول لكل الأيادي البيضاء التي أخرجت غزالة سوس من مخالب ديونها منتصف هذه السنة.. وتنفست الصعداء وصمود البقاء

موصول كذلك إلى جماهيرنا الوفية للونين الأخضر والأحمر علمنا الوطني بصيغة :

أزول للجميع

يوسف غريب كاتب صحفي

التعاليق (0)

اترك تعليقاً