فتح وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين الميداوي، جولةً تشاورية مع الجامعة الوطنية لموظفي التعليم العالي والأحياء الجامعية (الاتحاد العام للشغالين بالمغرب)، بحضور مدير الموارد البشرية ورئيس قسم الموظفين الإداريين والتقنيين. الاجتماع حرّك ملفاتٍ ثقيلة ظلّت على الطاولة، في مقدمتها النظام الأساسي لموظفي التعليم العالي، الذي تعهّد الوزير بمواصلة تنسيقه مع الاقتصاد والمالية والانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة لضبط صيغته النهائية واحترام الجدولة الزمنية المعلنة سلفًا.
أحد النقاط التي بدّدت اللبس تتعلق بمشروع القانون 59.24 المؤطر للتعليم العالي؛ إذ أكّد الوزير صراحة الإبقاء على صفة “الموظف العمومي” للعاملين بالقطاع، مع التزام الوزارة بإحالة النسخة المحينة من النص على النقابة فور توصلها من الأمانة العامة للحكومة، لإغنائها بالملاحظات قبل المرور إلى المسار البرلماني. الإطار المرجعي للسياسة القطاعية، بحسب ما تم طرحه، يراهن على استقلالية الجامعة في التدبيرين الإداري والبيداغوجي، ويشدّد على الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
على المستوى التدبيري، قدّم مدير الموارد البشرية عرضًا يوضح الإجراءات الاستباقية الجاري تنزيلها لفائدة موظفي المنظومة. في المقابل، جدّد الكاتب الوطني للنقابة عبد الإله السيبة تمسّك تنظيمه بـنهج نضالي مسؤول قائم على الشراكة الجدية، دفاعًا عن حقوق الشغيلة ومكتسباتها.
واتُّفق في ختام اللقاء على حزمة إجراءات عملية، أبرزها: مذكرة تنظّم احترام الحقوق والحريات النقابية وتفعّل الحوار الاجتماعي جهويًا ومحليًا داخل الجامعات ومؤسساتها، مع تهيئة فضاءات ملائمة للعمل النقابي؛ مراجعة تنزيل المنظومة الإدارية الجامعية بمنهجية تشاركية تُرسّخ الشفافية والحكامة؛ وفتح مناصب المسؤولية في التدبير والتسيير أمام جميع فئات الموظفين وفق تكافؤ الفرص والكفاءة بدل حصرها في فئة بعينها.
كما جرى إدراج ملفات اجتماعية ومهنية ذات أولوية: تسوية وضعية الموظفين الدكاترة؛ تمكين الأطر الإدارية والتقنية من رخص لاجتياز المباريات دعمًا للتدرج المهني المنصف؛ الرفع من التحفيزات وفق معايير عادلة وشفافة تعترف بالمجهود؛ إعفاء موظفي القطاع من رسوم التسجيل في الإجازة والماستر والدكتوراه (بصيغة التوقيت الميسّر)؛ توفير نقل لوجستي داخل المؤسسات والأحياء الجامعية لحسن أداء المهام، مع إجراءات السلامة المهنية.
وتتضمن خارطة الطريق كذلك برامجًا للتكوين المستمر مواكبةً للإصلاح الإداري والبيداغوجي، وتأسيس جمعية للموظفين كإطار قانوني يؤطر الأنشطة الاجتماعية والثقافية داخل الجامعات وداخل المكتب الوطني للأعمال الجامعية الاجتماعية والثقافية، مع السعي إلى إحداث مراكز للتخييم موجهة للموظفين وأسرهم، بما يضمن حقهم في الاصطياف ببيئات تحفظ الكرامة.
بهذه الخلاصات، يبدو أن الجلسة دشّنت قناة مؤسّسة بين الوزارة وممثلي الشغيلة، تجمع بين ضمانات قانونية (صفة الموظف العمومي، نظام أساسي في طور الحسم) وترتيبات عملية تُقوّي بيئة العمل، وتعيد توزيع فرص الترقي والمسؤولية على قاعدة الكفاءة والإنصاف، مع رافعات اجتماعية تضبط التوازن داخل الجامعة المغربية.
التعاليق (0)