ورش عمل “مزارع النقرات”: الإعجابات المزيفة تهدد نزاهة العالم الرقمي

العلوم والتكنولوجيا

كشفت تقارير دولية وتحقيقات إعلامية عن تنامي الظاهرة الخطيرة لما يُعرف بـ”مزارع النقرات” (Click Farms)، وهي شبكات رقمية منظمة تُستغل فيها اليد العاملة الرخيصة في دول نامية من أجل تزييف التفاعل الرقمي عبر مواقع التواصل الاجتماعي والإعلانات الإلكترونية. هذه الورش تُسوّق خدماتها كحلول سريعة ورخيصة للوصول إلى الشهرة الافتراضية، في مقابل تشويه حقيقي لمصداقية السوق الرقمي.

تعتمد هذه الورش، التي تنتشر في دول مثل الهند وبنغلاديش والفلبين ومصر، على عمال يُكلفون بالنقر بشكل متكرر على إعلانات أو تسجيل إعجابات وتعليقات مزيفة، مقابل أقل من دولارين في الساعة. يتم تشغيل آلاف الحسابات الوهمية باستخدام هواتف حقيقية وشرائح اتصال متعددة، مع استخدام VPN وبروكسيات لإخفاء الهوية وتجاوز أنظمة المراقبة، بحسب ما ورد في تقارير Made in China Journal وWikipédia وThe Telegraph.

وتكمن خطورة هذه الشبكات في أنها لا تقتصر على صناعة الإعجابات، بل تمتد إلى التلاعب السياسي والرأي العام، عبر تضخيم دعم مزيف لمرشحين أو قضايا معينة، وخلق انطباع عام زائف حول شعبيتهم. وقد بيّنت تقارير أكاديمية صادرة عن جامعة ستوكهولم أن بعض هذه الورش تُدار ضمن ما يُعرف بـ”الاقتصاد الشبحي”، حيث تُعقد “دورات تدريبية” لتعليم تقنيات تشغيل الحسابات المزيفة وتوجيه حملات رقمية مضلّلة.

وبالرغم من الغموض القانوني المحيط بها، تتسبب هذه الممارسات في خسائر بمليارات الدولارات سنويًا للمعلنين والشركات، نتيجة تضخيم أرقام لا تنعكس على نتائج حقيقية. وتشير تقديرات إلى أن ما يقارب 20% من التفاعلات الرقمية على الإنترنت قد تكون مزيفة.

ولتفادي الوقوع في فخ “مزارع الكليكات”، توصي جهات مختصة باستخدام أدوات منع الاحتيال الرقمي، ووضع قوائم بيضاء (Allowlists) للإعلانات، والاعتماد على تحليلات جغرافية صارمة لاستهداف الجمهور الحقيقي، بدل الركون إلى أرقام ظاهرية تفتقر إلى المصداقية.

تشكل “ورش عمل كسب الإعجابات” نموذجًا صارخًا لما يختبئ وراء بريق الشهرة الرقمية، إذ تخلق بيئة رقمية مشوّشة تُقوّض النزاهة، وتدفع المستخدمين والمعلنين على حد سواء إلى إعادة النظر في منطق التفاعل والقياس على المنصات الاجتماعية. الوعي بهذه الآليات الخفية هو السبيل الأول للحد من التلاعب الرقمي واستعادة الثقة في التواصل الإلكتروني.