هل ينجح العامل والكاتب العام في تحصين تزنيت من تدخل الأعيان في السياسة والانتخابات؟

أكادير والجهات

عبدالله بن عيسى

تفتح تزنيت صفحة جديدة مع تعيين عامل الإقليم وكاتب عام جديد، في مرحلة تفرض وضوحًا في القواعد وشفافية في الممارسة السياسية. فالمدينة التي عرفت في السابق تجارب متعثرة، اختلطت فيها الأدوار وتداخلت فيها الإشارات القادمة من خارج الملعب السياسي، تحتاج اليوم إلى حماية مسارها من الأعطاب، وفي مقدمتها تدخل الأعيان في القرار العام.

لقد كشفت التجارب السابقة أن تدخل بعض الأعيان في العملية السياسية والانتخابية يضعف المؤسسات، ويشوّه مبدأ تكافؤ الفرص، ويزرع الشكوك بين الفاعلين، في حين أن السياسة السليمة تقوم على تعاقد واضح بين منتخبين يمثلون المواطنين وإدارة تُنفذ بفعالية وحياد، واقتصاد يُسهم في التنمية عبر قنوات مشروعة وشفافة.

المشكل يبدأ حين يحاول الأعيان التأثير في القرار من وراء الستار، عبر ضغوط اقتصادية أو رسائل مبطنة، بدل الدخول العلني عبر البرامج والمناظرات والمذكرات القانونية المفتوحة للجميع. مثل هذه الممارسات لا تصنع استقرارًا ولا تنمية، بل تراكم الإرباك وتُقوّض الثقة تدريجيًا، لأن القرارات تُتخذ حينها خارج المؤسسات ولا تُناقش بلغة الأرقام والمحاسبة.

تزنيت تحتاج اليوم إلى مشهد سياسي يُدار على المكشوف: أولويات واضحة، برامج عمل مُعلنة بلغة الأثر والكلفة والزمن، ومسؤولون يتحملون نتائج اختياراتهم أمام الناس. الاقتصاد المحلي يمكن أن يكون قوة دفع قوية حين يحترم قواعد المنافسة العادلة، لكنه يتحول إلى عبء حين يضع نفسه وصيًا على القرار السياسي.

المرحلة الجديدة تستدعي فصلًا صارمًا بين ما هو إداري وما هو سياسي: الإدارة دورها ضمان استمرارية المرافق العمومية ومتابعة المشاريع، والسياسة وظيفتها إنتاج القرارات والاختيارات عبر التمثيل الديمقراطي والمساءلة الشعبية. وعندما يلتزم كل طرف حدوده، تتقدم المدينة بخطى ثابتة نحو خدمات أقرب وأكثر جودة، واقتصاد محلّي يفتح آفاقًا للشباب والنساء، وحياة سياسية تُقاس بما يُنجَز لا بما يُلمّح.

تزنيت لا تحتاج إلى خطابات متكررة بقدر حاجتها إلى نشر معطيات المشاريع للعموم، تحديد المسؤوليات بدقة، فتح قنوات المشاركة المواطِنة، والتدخل السريع لتصحيح الأخطاء. عندها فقط تُستعاد الثقة وتُمنع إعادة إنتاج التجارب السابقة التي شابها تدخل الأعيان وممارسات الظل.

إن الرسالة الأوضح اليوم هي أن الملعب السياسي لا يتسع إلا للوجوه المكشوفة والقواعد العادلة: من أراد المتابعة فليجلس في المدرجات، ومن أراد المشاركة فليتقدم إلى رقعة الملعب بشروطه المؤسسية والقانونية. وهكذا يمكن أن تنجح البداية الجديدة لتزنيت، وتتحول إلى نموذج يُحتذى في إدارة شفافة وسياسة مسؤولة، خالية من تأثيرات الأعيان وحساباتهم الضيقة.