يعيش قطاع التعليم في المغرب على وقع ترقب واسع لما ستسفر عنه تفاصيل مشروع قانون المالية لسنة 2026، وسط آمال معلقة على وعود رفع الميزانية المخصصة لهذا القطاع الحيوي.
وفي سياق اجتماعي يتسم بتصاعد المطالب بتحسين المدرسة العمومية، عاد النقاش مجددا حول ضرورة إرساء إصلاح عميق يعيد الاعتبار لهذا المرفق الحيوي، الذي طالما اعتبر ركيزة أساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.
وبحسب تقديرات البنك الدولي، فقد استقر الإنفاق الحكومي على التعليم عند حدود 6% من الناتج الداخلي الخام سنة 2023، إلا أن التوجه الجديد المعلن من قبل الحكومة يسير نحو تعزيز هذا الإنفاق، في خطوة توحي بإدراك متأخر لحجم التحديات التي يواجهها التعليم العمومي.
إجراءات منتظرة.. وآمال معلقة
ينتظر متتبعو الشأن التربوي والفاعلون في هذا القطاع أن تتم تنزيل الزيادة في ميزانية التعليم على شكل إجراءات ملموسة، تهم بالأساس تقوية البنيات التحتية، وتوسيع التعليم الأولي، وتحسين أوضاع الأطر التربوية، خاصة في المناطق النائية والجبلية، حيث تتجلى هشاشة المنظومة التعليمية.
ورغم أهمية هذا التوجه، حذر كثيرون من اختزال الإصلاح في الأرقام فقط، باعتبار أن زيادة الميزانية، برأيهم، يجب أن تقترن بإرادة سياسية واضحة، وبرؤية استراتيجية شاملة، تضع التعليم في صميم المشروع التنموي الوطني.
دعوات لإصلاح بيئة العمل
ينتظر رجال ونساء التعليم إصلاحا حقيقيا يلامس بيئة اشتغالهم، من خلال تحسين ظروف العمل، وتوفير الوسائل الديداكتيكية، وضمان التكوين المستمر، خاصة في القرى والمناطق المهمشة، حيث يواجه الأساتذة تحديات مضاعفة.
وشدد هؤلاء على أن إعادة الثقة في المدرسة العمومية لا يمكن أن تختزل في رفع الميزانية، بل تتطلب حوارا مؤسساتيا مع الفاعلين الحقيقيين في القطاع، وفتح نقاش واسع حول أولويات الإنفاق ومجالات صرف الميزانية.
الإصلاح البنيوي: ضرورة لا اختيار
يرى مراقبون أن المدرسة العمومية تعاني من أعطاب متراكمة عمرها عقود، وبالتالي فإن أي إصلاح جدي لا بد أن يستند إلى تغيير بنيوي شامل، وإلى رؤية وطنية تضع التعليم في قلب السياسات التنموية، باعتباره القاطرة الحقيقية للتغيير وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وفي المحصلة، أكد هؤلاء أن الرهان اليوم لا يكمن فقط في رفع الأرقام، بل في تحويل هذا الاستثمار إلى أثر فعلي ينعكس على جودة التعلمات، والحد من الاكتظاظ، وتحسين صورة المدرسة العمومية كمؤسسة للتربية والتكوين، لا مجرد فضاء لتدبير الأعداد.
التعاليق (0)