تعيش الفلاحة بجهة سوس ماسة على وقع أزمة متفاقمة تهدد مستقبل أحد أهم القطاعات الاقتصادية بالمنطقة، في ظل تزايد التحديات المرتبطة بندرة الموارد المائية وارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج، إلى جانب إشكال لا يقل خطورة، يتمثل في النقص الحاد في اليد العاملة وارتفاع تكلفتها.
وأكد مهنيون في القطاع أن الفلاحين أصبحوا يواجهون صعوبات كبيرة في تأمين عدد كاف من العمال، خصوصا خلال فترات جني المحاصيل، وهو ما يضعهم أمام مخاطر حقيقية تتعلق بتأخر الجني وضياع جزء من الإنتاج، وما يترتب عن ذلك من خسائر مالية جسيمة.
وأوضح المتحدثون أن هذا الخصاص في اليد العاملة يدفع الفلاحين إلى بذل مجهودات مضاعفة للبحث عن العمال، مع القبول بأجور مرتفعة لتفادي أي تأخير قد يؤثر على جودة المنتوج أو التزامات التصدير، الأمر الذي يساهم في رفع تكاليف الإنتاج وتقليص هامش الربح.
وأضاف المهنيون أن ارتفاع تكلفة الموسم الفلاحي، سواء بسبب غلاء الأسمدة والبذور أو مصاريف السقي والطاقة، جعل من تدبير المشاريع الفلاحية وحماية الاستثمارات أمرا بالغ التعقيد، خاصة في ظل غياب حلول عملية ومستدامة لأزمة اليد العاملة.
وفي مواجهة هذا الوضع، اضطر عدد من الفلاحين إلى اللجوء إلى العمال المهاجرين المنحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، الذين ساهموا، ولو بشكل نسبي، في سد جزء من الخصاص المسجل داخل الضيعات الفلاحية، خاصة في الأعمال الشاقة التي يعزف عنها عدد من العمال المحليين.
ويرى مهنيون أن نقص اليد العاملة لا ينعكس فقط على وتيرة الجني، بل يهدد استدامة الإنتاج الفلاحي بالجهة ككل، ويضع سوس ماسة، باعتبارها المزود الأول للأسواق الوطنية بالخضر والفواكه، أمام تحديات حقيقية قد تؤثر على تموين السوق الداخلي والتصدير.
وأشار هؤلاء إلى أن العديد من العمال لم يعودوا يقبلون العمل وفق الحد الأدنى للأجور، مفضلين نظام العمل بالقطعة، في حين يرفض بعضهم التصريح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، خوفا من فقدان الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي التي توفرها الدولة.
وحذر الفاعلون في القطاع من أن مشكل نقص اليد العاملة مرشح للتفاقم في المستقبل القريب، ليصبح واحدا من أخطر الإكراهات التي تهدد الفلاحة المغربية، خصوصا بجهة سوس ماسة، إلى جانب تحديات ندرة المياه والتغيرات المناخية، ما يستدعي تدخلا عاجلا لإيجاد حلول هيكلية تضمن استمرارية هذا القطاع الحيوي.
