أطلق باحثون في قضايا المناخ والتنمية المستدامة تحذيرا من استمرار تلويث الشواطئ المغربية، وهي الظاهرة التي تبلغ مستويات قياسية خلال فصل الصيف بسبب الإقبال الكبير على هذه الفضاءات.
ودعا هؤلاء إلى وضع نهج مغاير للتعامل مع تلويث الشواطئ خلال الصيف نتيجة رمي النفايات من طرف المصطافين، معتبرين أن “التدخلات الحالية غير كافية للحد من التلوث المتزايد”، مع التشديد على أهمية تفعيل قوانين صارمة، وتوفير تجهيزات لوجستية متطورة، إلى جانب تعزيز الوعي البيئي لدى المواطنين.
التلوث ينتهي إلى موائد المغاربة
كشفت الفاعلة البيئية والباحثة في التنمية المستدامة، نادية أحمايتي، أن الشواطئ تعد المتنفس الطبيعي لسكان المدن الساحلية في ظل تزايد موجات الحر، إلا أن الكثير من المصطافين لا يحترمون البيئة التي يقصدونها، ما يؤدي إلى تكدس النفايات رغم تدخل الشركات المكلفة بالتنظيف.
وأوضحت أحمايتي أن النفايات المنتشرة على الشواطئ تشمل مواد عضوية وبلاستيكية وزجاجية، وبعضها يعد خطرا مباشرا على البيئة البحرية، مشيرة إلى أن “هذه النفايات لا تقتصر أخطارها على البيئة فحسب، بل تمس صحة الإنسان أيضا، خصوصا بعد تحلل بعض المواد مثل البلاستيك”.
وأفادت الباحثة في قضايا المناخ والتنمية المستدامة بأن “هذه النفايات تبتلعها الأسماك ثم تنتهي إلى موائد المستهلكين لاحقا بشكل آخر، إلى جانب خطر الإصابات المباشرة التي قد تسببها القطع الزجاجية للأطفال والكبار”، لافتة إلى أن “التراكم المستمر للملوثات في الفضاءات الشاطئية لا يؤثر فقط على جودة مياه الاستجمام، بل يهدد أيضا الأمن الغذائي والصحة العامة”.
وأكدت الفاعلة البيئية نفسها أن “المصطافين يتحملون مسؤولية كبيرة في تدهور الوضع البيئي، إذ يتركون مخلفاتهم دون اعتبار لأثرها، رغم توفر وسائل بسيطة لجمعها، ما يدل على غياب الوعي البيئي لدى فئة واسعة من مرتادي الشواطئ”.
مطالب بتوفير تجهيزات لوجستية متطورة
من جهته، أفاد الفاعل المدني والناشط البيئي أيوب كرير بأن الجماعات الترابية التي تشرف على تدبير الفضاءات الشاطئية ملزمة بتوفير شروط بيئية سليمة ومريحة لزوار الشواطئ، من خلال توزيع حاويات النفايات بشكل منظم وجذاب، يجعل التخلص من النفايات أمرًا سهلًا ومتاحًا للجميع.
وأورد كرير أن اختفاء الحاويات أو وضعها في أماكن نائية يدفع المواطنين إلى سلوكيات تضر بالمكان وتشوه صورة الشاطئ، مشيرًا إلى أن أغلب الشواطئ مازالت تعتمد على وسائل بدائية في التنظيف، مثل المجرورات والجرارات، رغم محدوديتها في التعامل مع النفايات الدقيقة والخطرة.
وشدد المتحدث نفسه على الحاجة الملحة إلى اعتماد تجهيزات حديثة تقوم بغربلة الرمال بشكل مستمر، خصوصًا مع تزايد المواد البلاستيكية والزجاجية المنتشرة على الشواطئ، مبرزا أن “التنظيف الجيد للشواطئ لا يرتبط فقط بالمجهود البشري، بل يتطلب بنية لوجستية وتقنية حديثة تكمل عمل فرق النظافة وتزيد من فعاليته”.
وخلص المتحدث إلى أن المسؤولية لا تقع فقط على عاتق الجماعات والمؤسسات، بل تشمل المواطن أيضا، الذي عليه أن يتحلى بسلوك بيئي مسؤول وواعي خلال زيارته للشواطئ.
في حاجة إلى التوعية والصرامة
أجمعت كل من الباحثة نادية أحمايتي والناشط أيوب كرير على أن حملات التوعية والمبادرات البيئية، رغم أهميتها، لم تعد كافية، معتبرين أن ثقافة الاستجمام مازالت تحتاج إلى تطوير في المغرب، لأن الاستمتاع لا يعني الإضرار بالمكان أو ترك أثر سلبي.
وأكد الفاعلان البيئيان أن الشواطئ ليست مجرد أماكن للترفيه الصيفي، بل أنظمة بيئية حساسة تتأثر بسرعة بالتغيرات المناخية وبالسلوك البشري، مطالبين بتغيير العقليات وتبني رؤية جماعية تحترم الطبيعة وتثمن الفضاءات الساحلية، فيما أقرا بضرورة فرض قوانين صارمة وتطبيق غرامات لردع المخالفين.