وجه الناشط البيئي محمد التفراوتي، من قلب الأطلس الصغير، رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة، بتاريخ 28 يونيو 2025، دعا من خلالها إلى مراجعة طريقة تدبير السياسات التنموية في مناطق الهامش، وفي مقدمتها مجال أركان، معتبرًا أن التراجع عن مشروع “المنتزه الطبيعي للأطلس الصغير الغربي” ليس سوى مؤشر على أزمة أعمق تتعلق بمنهجية التعامل مع احتجاجات السكان المحليين.
الرسالة التي حملت عنوانًا دالًا: “المنتزه ليس المشكلة… بل منطق التراجع“, أبرزت أن ما وقع في إقليمي اشتوكة آيت باها وتزنيت لا يتعلق فقط بمشروع بيئي، بل بنموذج فشل الدولة في تحويل لحظة الرفض الشعبي إلى فرصة حوار وتفاوض عقلاني، يُفضي إلى مشاريع منصفة ومستدامة، عوض التراجع الفوري عن أي مبادرة تواجه اعتراضًا.
التفراوتي أشار إلى أن العدد الأخير من الجريدة الرسمية تضمّن مراسيم حكومية بإحداث ستة منتزهات طبيعية ومحمّيتين في عدد من الأقاليم، غير أن المرسوم الخاص بمنتزه الأطلس الصغير الغربي لم يُدرج، رغم خضوعه لإجراء البحث العلني منذ دجنبر 2023. واعتبر أن غياب المنتزه من اللائحة الرسمية يعكس تراجعًا غير معلن من الحكومة بسبب الاعتراضات المحلية، وهو ما وصفه بـ”سياسة الهروب إلى الخلف”.
وجاء في نص الرسالة أن “المشكل لم يكن في طبيعة المشروع، بل في هشاشة الوضع العقاري”، مشددًا على أن الأراضي التي تعيش عليها الساكنة ليست محفظة، وتُستغل منذ عقود وفق أنظمة عرفية محلية، تستوجب الاعتراف القانوني بدل التجاهل. وأضاف أن استحضار الظهائر الاستعمارية لعام 1925 نفسها يشير إلى خصوصية مجال أركان، ويفرض مقاربة قانونية وتشريعية تراعي هذا الامتياز التاريخي.
الناشط البيئي دعا رئيس الحكومة، باعتباره “ابن المنطقة”، إلى إظهار شجاعة القرار السياسي، والتوقف عن اعتبار كل احتجاج عائقًا، مبرزًا أن المسؤولية ليست فقط في إطلاق المشاريع، بل في قدرتها على تدبير الأزمات وبناء الثقة. وطرح تفراوتي في هذا السياق مطالب واضحة:
- تمليك الأراضي للساكنة وفق العرف والتاريخ.
- فتح ورش وطني لتحفيظ مجاني بدواوير الأطلس الصغير.
- إصدار قانون خاص بمناطق أركان يميزها عن الغابات الوطنية.
- إطلاق حوار شفاف ومباشر مع المجتمع المدني والمنتخبين.
- إعادة صياغة المشاريع البيئية على أساس تعاقدات عادلة، لا قرارات فوقية.
وفي ختام الرسالة، أكد أن “المنتزه لم يكن تهديدًا، بل فرصة مهدورة”، وأن التنمية لا يمكن أن تقوم دون ثقة حقيقية مع السكان، الذين عبّروا مرارًا عن وعي بيئي واستعدادهم للانخراط الإيجابي، شرط أن يُنظر إليهم كشركاء لا كعقبات.
الرسالة فتحت الباب مجددًا للنقاش حول النموذج التنموي في مناطق سوس ماسة، خصوصًا تلك التي تعاني هشاشة بيئية واجتماعية، وسط دعوات متجددة بأن تُعتمد مقاربة العدالة المجالية كمرتكز أساسي في أي إصلاح مؤسساتي أو بيئي مستقبلي.