معبر أمگالة بير مغرين: مشروع استراتيجي يقترب من التشغيل ويعيد رسم خرائط الربط بين المغرب وموريتانيا ودول الساحل

أخبار وطنية

بقلم: أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية

يقترب معبر أمگالة بير مغرين من دخول الخدمة رسمياً بعدما بلغت نسبة الأشغال حوالي 98%. هذا المشروع، الذي يمتد على نحو 159 كيلومتراً بين السمارة في الصحراء المغربية وبير مغرين شمال موريتانيا، لا يشكل مجرد بوابة حدودية جديدة، بل يمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز الربط الاقتصادي واللوجستي بين المغرب وموريتانيا، وامتداداً نحو فضاء الساحل بأكمله.

  • رافعة جيو اقتصادية تتجاوز الحدود الثنائية

إلى جانب دوره المباشر في تسهيل المبادلات بين المغرب وموريتانيا، يحظى هذا المعبر بأهمية قصوى على الصعيد الإقليمي، إذ يشكل حلقة وصل حيوية لدول الساحل، خاصة مالي و بوركينا فاسو والنيجر وتشاد، التي تبحث عن منافذ أكثر أمناً واستقراراً للوصول إلى الأسواق الأطلسية.
وتكمن أهمية المعبر بالنسبة لدول الساحل في عدة مستويات:
-إتاحة ممر تجاري بديل يربط هذه الدول عبر موريتانيا نحو المغرب، ومنها إلى الموانئ الأطلسية ذات القدرة التنافسية العالية.
-تقليل كلفة النقل والمسافات مقارنة بالمسارات التقليدية التي تمر عبر مناطق تعاني هشاشة أمنية أو صعوبات لوجستية.
-تشجيع انسياب السلع الأساسية مثل الحبوب والطاقة نحو دول الساحل، التي تعتمد بشكل كبير على الاستيراد.
-إتاحة فرص جديدة لسلاسل التوريد الإقليمية التي يمكن أن تربط شمال إفريقيا بعمق الساحل في منحى اقتصادي صاعد.
بهذا المعنى، فإن المعبر الجديد لا يخدم فقط حركة ثنائية بين بلدين، بل يرسم ممراً استراتيجياً جنوب شمال يمكن أن يتحول إلى أحد أهم محاور التجارة الإقليمية خلال السنوات المقبلة.

  • تأثيرات مباشرة على التنمية المحلية

من المنتظر أن ينعكس تشغيل المعبر على المناطق المتاخمة له، ولا سيما السمارة وبير مغرين، من خلال:
-تنشيط السوق المحلية والخدمات المرتبطة بالنقل.
-خلق فرص عمل جديدة في اللوجستيك والتجارة والتزويد.
-تعزيز البنيات الداعمة للحركة الاقتصادية مثل محطات الخدمات والإيواء.
ومع تزايد تدفق السلع والبضائع، ستعرف هذه المناطق تحولاً تدريجياً نحو أقطاب لوجستية متوسطية صحراوية.

  • تحديات التشغيل الأولي

رغم التقدم في الأشغال، يبقى التشغيل الفعلي مرتبطاً بمتطلبات أخرى، مثل:
-ضمان تنسيق جمركي سلس بين البلدين.
-تأمين المعبر وتعزيز بنياته التقنية.
-تطوير خدمات مرافقة لضمان جودة العبور.
لكن جميع هذه التحديات تبقى ضمن المتوقع وقابلة للمعالجة مع بدء التشغيل.

  • خلاصة

يمثل معبر أمگالة بير مغرين مشروعاً استراتيجياً متعدد الأبعاد. فإلى جانب أهميته على مستوى العلاقات المغربية الموريتانية،فإنه يحمل وزناً جيو اقتصادياً كبيراً بالنسبة لدول الساحل التي تحتاج بشدة إلى ممرات آمنة وفعالة تربطها بالشمال وبالموانئ الأطلسية.
ومع اقتراب افتتاحه، تبدو المنطقة على مشارف تحول لوجستي جديد قد يعيد تشكيل حركة التجارة في غرب الصحراء والساحل خلال العقد القادم.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً