مجلس النواب يصادق على قانون تنظيم المجلس الوطني للصحافة وسط انقسام سياسي وتخوفات مهنية

أخبار وطنية

agadir24 – أكادير24

صادق مجلس النواب، مساء الثلاثاء 22 يوليوز 2025، على مشروع قانون رقم 026.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، وذلك بأغلبية 87 نائبًا ومعارضة 25 آخرين، دون تسجيل أي امتناع عن التصويت. وشكلت هذه المصادقة محطة حاسمة في مسار إصلاح القطاع الإعلامي، لكنها في المقابل فجّرت انقسامًا سياسيًا ومهنيًا واضحًا، أعاد إلى الواجهة النقاش القديم-الجديد حول حدود التنظيم الذاتي واستقلالية المؤسسات التمثيلية للصحافيين.

أكد محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، في عرضه للمشروع أمام البرلمان، أن النص التشريعي المعروض ليس مجرد وثيقة قانونية، بل يمثل لبنة أساسية في ورش تحديث الإعلام الوطني، ويروم تحقيق توازن دقيق بين حرية الصحافة والمسؤولية المهنية. وشدد الوزير على أن المجلس الوطني للصحافة لا يمكن اختزاله في إجراء إداري، بل هو أداة لتكريس التنظيم الذاتي الذي يشكل ضمانة جوهرية لاستقلالية المهنة وتخليق ممارساتها، وفقًا لما ينص عليه الفصل 28 من الدستور المغربي.

أوضح الوزير أن مشروع القانون يسعى إلى تجاوز بعض الثغرات القانونية، خاصة من خلال إحداث لجنة للإشراف على الانتخابات والانتدابات، واعتماد نظام اقتراع جديد، بناءً على مقترحات تقدم بها المهنيون أنفسهم. كما شدد على أن ضمان حرية التعبير لا يجب أن يكون مرادفًا للفوضى، وأن المسؤولية ليست تقييدًا بل ضمانٌ لجودة الممارسة الإعلامية وتفاعلها مع المجتمع.

دعمت فرق الأغلبية البرلمانية النص باعتباره خطوة إصلاحية تعزز التنظيم الذاتي وتحصّن استقلالية الصحافيين، مع تمكين المجلس من القيام بأدواره التأطيرية والرقابية. واعتبرت أن القانون يوفر الضمانات القانونية الضرورية لحماية حرية التعبير، ويُحسن تصنيف المغرب في مؤشرات حرية الصحافة الدولية، كما يُرسّخ مبدأ استمرارية المؤسسات ويُدمج القضاء كطرف أساسي في تسوية النزاعات المهنية.

في الجهة المقابلة، عبّرت فرق المعارضة عن تخوفات جدية من طغيان منطق التعيين على حساب الاختيار الديمقراطي، وانتقدت ما وصفته بالتفاوت الواضح في آلية تمثيل الصحافيين والناشرين، حيث يُنتخب الأولون ويُنتدب الآخرون. وأشارت إلى أن اعتماد معيار رقم المعاملات في انتداب الناشرين يفتقر إلى العدالة ولا يعكس التعددية الموجودة فعليًا في المشهد الإعلامي.

اعتبرت المعارضة أن إلغاء النظام الانتخابي الموحد يعد تراجعًا عن مبدأ التمثيلية الجهوية والديمقراطية، وطالبت بأن يتجاوز الإصلاح الإطار الشكلي نحو معالجة الإشكاليات العميقة التي تعاني منها الصحافة، وعلى رأسها هشاشة الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمهنيين، وغياب منظومة مستدامة لحماية حقوقهم المهنية والمعنوية.

أعاد النقاش البرلماني حول مشروع القانون إلى الواجهة الأسئلة الكبرى حول مستقبل التنظيم الذاتي للصحافة في المغرب، ومدى قدرة الدولة على الموازنة بين ضمان حرية التعبير من جهة، وتفعيل آليات الحوكمة والمحاسبة من جهة ثانية. كما برزت أصوات مطالبة بمراجعة شاملة لإطار الممارسة الإعلامية، تأخذ بعين الاعتبار تحولات الرقمنة والذكاء الاصطناعي، والانتقال من التمثيل الكلاسيكي نحو صيغ أكثر شمولًا وشفافية.

تكرّس المصادقة على هذا القانون توجهًا مؤسساتيًا لتقنين الحقل الإعلامي وضبط إطاره المهني، لكنها تطرح في الآن ذاته تحديًا واضحًا يتمثل في مدى إشراك الفاعلين الحقيقيين في صياغة مستقبل الصحافة، ليس فقط عبر القوانين، بل من خلال تعزيز الثقة وبناء تعاقد جديد يُنصف المهنة والعاملين بها.