بقلم : أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية
في جلسة مشحونة من جلسات اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار بالأمم المتحدة، أبانت الدبلوماسية المغربية مجددًا عن قوتها وصلابتها في الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة. فقد وجّهت السيدة ليلى داهي، النائبة البرلمانية والفاعلة السياسية الصحراوية، ردًا قويًا ومفحمًا على ممثل جبهة البوليساريو الذي حاول (كعادته ) تكرار الأسطوانة القديمة حول “التمثيل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي”.
- الرد الذي أربك خصوم الوحدة الترابية
بهدوء وثقة، قالت داهي إن الشرعية الحقيقية تُستمد من صناديق الاقتراع لا من خيام المخابرات العسكرية، مشددة على أن المشاركة الديمقراطية داخل المؤسسات المغربية هي التعبير الأصدق عن إرادة الصحراويين. وأكدت أن الذين يدّعون تمثيل الصحراويين إنما هم “صناعة قذافية” جُمِعت عناصرها من موريتانيا وشمال مالي والنيجر وجنوب الجزائر، لتتحول إلى كيان وهمي وُلد من رحم الدكتاتورية، تتبناه منظومة عسكرية جعلت من القمع عقيدة ومن تكميم الأفواه سياسة دائمة.
- بين شرعية الصناديق وشرعية البنادق
تحمل تصريحات ليلى داهي رمزية عميقة تتجاوز الرد الدبلوماسي الظرفي، إذ تعيد صياغة النقاش حول مفهوم الشرعية ذاته. فبينما تستند البوليساريو إلى سردية “الثورة والبندقية”، تطرح داهي معادلة مغايرة تُؤَسَّس على الديمقراطية المحلية والمشاركة السياسية داخل المؤسسات المنتخبة بالأقاليم الجنوبية للمملكة.
هذا الطرح لا يكتفي بالدفاع، بل ينزع من البوليساريو آخر أوراقها الدعائية، عبر إبراز حقيقة أن الصحراويين أنفسهم يختارون ممثليهم بحرية في انتخابات شفافة، في حين لا يعرف سكان مخيمات تندوف طعم التصويت ولا معنى التداول السلمي على السلطة.
- رسالة إلى المجتمع الدولي
خطاب داهي أمام اللجنة الرابعة حمل أيضًا رسالة واضحة إلى المنتظم الدولي: أن القضية الوطنية ليست فقط قضية حدود، بل قضية شرعية سياسية ومجتمعية. فالمغرب يقدم نموذجًا حيًا لتنمية الأقاليم الجنوبية وإشراك سكانها في القرار، في مقابل كيان مغلق يعيش على وقع الأزمات الإنسانية والانقسامات الداخلية.
- دبلوماسية ميدانية بصوت صحراوي
ما ميز تدخل ليلى داهي هو كونه صوتًا صحراويًا من الداخل، لا يُمكن التشكيك في انتمائه أو مصداقيته. فحين تتحدث عن المشاركة والشرعية، فإنها تنطلق من تجربة معيشة، لا من نصوص مكتوبة في المكاتب المغلقة. وقد بدت كلماتها أمام اللجنة الرابعة كصفعة سياسية مؤدبة لممثل البوليساريو الذي وجد نفسه أمام حجة قوية يصعب دحضها.
- خلاصة تحليلية
رد ليلى داهي ليس مجرد موقف سياسي؛ إنه تحول في لغة الدبلوماسية المغربية نحو مزيد من الجرأة والمباشرة، مع الاعتماد على أصوات من أبناء الصحراء أنفسهم لإبراز زيف ادعاءات الانفصاليين.
بهذا الأسلوب، ينجح المغرب في نقل النقاش من “من يمثل الصحراويين” إلى “من يمنحهم حق الاختيار فعلاً”، وهي نقطة التحول الجوهرية في معركة الخطاب داخل أروقة الأمم المتحدة.