قرار برلمان أمريكا الوسطى: برهان جديد على نجاعة الدبلوماسية المغربية ومضيّ المملكة في الطريق الصحيح

غير مصنف

بقلم: أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية

يشكل القرار التاريخي الصادر عن الجمعية العامة لبرلمان أمريكا الوسطى (البرلاسين) بدعم الوحدة الترابية للمملكة المغربية، محطة دبلوماسية بارزة تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن المغرب يسير بخطى واثقة في طريق ترسيخ مكانته الإقليمية والدولية، وأن مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به المملكة تحت السيادة المغربية أصبح اليوم يحظى بإجماع متزايد في مختلف القارات باعتباره الحل الواقعي والوحيد للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

  • تحول نوعي في المواقف الإقليمية

قرار البرلاسين، الذي حظي بتأييد أغلبية أعضائه خلال جمعيته العامة المنعقدة في السلفادور، لم يكن قرارًا عابرًا أو مجاملة دبلوماسية، بل هو ثمرة مسار طويل من التعاون والشراكة المتينة بين المغرب ودول أمريكا الوسطى واللاتينية، ومسعى استراتيجي يعكس اقتناعًا راسخًا بعدالة القضية الوطنية.
وقد أبرز رئيس البرلاسين، كارلوس ريني هيرنانديز، أن هذا القرار يستمد شرعيته من أعلى جهاز تقريري داخل المنظمة، وهو ما يضفي عليه وزنًا مؤسساتيًا وسياسيًا كبيرًا يعزز الموقف المغربي على الساحة الدولية.

  • دبلوماسية الرؤية الواضحة

تجسد هذه الخطوة نجاح الدبلوماسية المغربية التي يقودها جلالة الملك محمد السادس نصره الله، والتي تقوم على رؤية واضحة ومبدئية قوامها الواقعية، والمصداقية، والتعاون جنوب–جنوب.
فمن خلال الانفتاح المتوازن على الفضاءات الجغرافية الجديدة، مثل أمريكا اللاتينية والكراييب، استطاع المغرب أن يوسع دائرة حلفائه وشركائه، وأن يجعل من قضية الصحراء المغربية قضية تحظى بتفهم واسع على الصعيد الدولي، بعيدًا عن الأطروحات المتجاوزة والمواقف الجامدة.

  • زيارة العيون… شهادة ميدانية على التنمية

زيارة وفد البرلاسين إلى مدينة العيون شكلت بدورها لحظة فارقة؛ إذ اطلع أعضاؤه عن كثب على حجم المشاريع التنموية والبنيات التحتية الحديثة التي تشهدها الأقاليم الجنوبية، من موانئ وطرق ومناطق صناعية ومراكز جامعية، وهو ما جعلهم يصفون التجربة المغربية بأنها نموذج يُحتذى به في دمج الأقاليم في التنمية الوطنية الشاملة.
وقد تُوِّجت الزيارة بتوقيع “إعلان العيون”، الذي يعكس قناعة الشركاء من أمريكا الوسطى بأن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية ليس فقط حلاً سياسياً، بل مشروعاً للتنمية والاستقرار الإقليمي.

  • شراكة استراتيجية تتجاوز السياسة

لم يقتصر التعاون بين المؤسستين التشريعيتين على الجانب السياسي، بل شمل مجالات متعددة مثل الهجرة، الاقتصاد، المرأة، والتنمية المستدامة، من خلال المنتديات الجهوية التي نظمها مجلس المستشارين المغربي بشراكة مع برلمان أمريكا الوسطى في جمهورية الدومينيكان وبنما وهندوراس والسلفادور.
هذا التفاعل البرلماني المتواصل يعكس عمق العلاقات جنوب–جنوب التي جعل منها المغرب ركيزة لسياسته الخارجية، في انسجام تام مع التوجه الملكي الرامي إلى تعزيز التضامن الإفريقي–الأمريكي اللاتيني وبناء جسور التعاون بين الدول النامية.

  • المغرب في الطريق الصحيح

إن الدعم المتزايد الذي تحصده المملكة في مختلف المحافل البرلمانية والدبلوماسية يؤكد أن المغرب ماضٍ في الطريق الصحيح؛ طريق الشرعية، والتنمية، والاستقرار.
فالمبادرات الملكية الرائدة، والدبلوماسية البرلمانية النشيطة، والاختيارات الاقتصادية المنفتحة، كلها جعلت من المغرب نموذجًا في القارة الإفريقية والعالم العربي، ومركزًا للتقاطع بين الشمال والجنوب.
اليوم، ومع توالي الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، يتأكد أن المقاربة المغربية القائمة على الحوار والتنمية والمصداقية هي السبيل الأمثل لإرساء السلام والاستقرار الإقليمي.
ولعل قرار برلمان أمريكا الوسطى الأخير ليس سوى حلقة جديدة في سلسلة النجاحات الدبلوماسية التي تؤكد أن المملكة المغربية تمضي بثبات نحو ترسيخ مكانتها كقوة إقليمية مؤثرة، متمسكة بثوابتها الوطنية ومنفتحة على المستقبل بثقة وعزم.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً