بقلم سليمان نجاجي
مقدمة:
في زمن قلت فيه القراءة، وقل فيه الإبداع، نتيجة غزو الحضارة الحديثة ، غزو الهواتف النقالة وتطبيقات التواصل الإجتماعي ، لم يعد الكتاب خير جليس للإنسان ولا الذهاب للمكتبات للبحث فيها عما يغذي العقل والفكر والوجدان ،أصبح الإبداع والكتابة عموما ،محصورا، على فئة قليلة من المثقفين والمبدعين،في هذا الجو العام ظهر الروائي الإفناوي،الشاب محمد أنفلوس، بروايتيه ” الريح والزعتر” ورواية ” سحابة وبحيرة ” قراءة في المتن
يحمل عنوان الرواية ” سحابة وبحيرة ” في اعتقادي، عدة دلالات، داخل النسق الروائي ككل. لا شك أن شخصية ” الخالة سحابة ” كشخصية تلعب دور السارد ،هي مفتاح للمشاهد والأحداث ، التي تروى داخل الرواية ؛ فحكاياتها مرتبطة ” بالناس الطيبين والناس الأشرار” ص : 12. هذا من جهة ،ومن جهة أخرى أميل شخصيا إلى ربط كلمة ” سحابة” كعنوان،إلى ما تتداوله المخيلة الإفناوية، من اعتبار ” السحابة” حامية ” لأمزدوغ” إفني من حرارة الشمس لما تلعبه مع جبل ” بولعلام” من صد للهيبها وترطيب لجوها. كما أن ” السحابة” هي وقاية وحجاب ،ضد أي مكروه يمكن أن يصيب ،” أمزدوغ/ إفني”.
أما ” البحيرة” فهي رمز للخير والعطاء،الذي تزخر به ” أمزدوغ/إفني” من ثروات الطبيعة،الضاهرة منها والخفية ،فهي رمز العطاء.
تدور أحداث الرواية،حول شخصية ” يحيى “فكأن الكاتب،اختار هذا الإسم،للدلالة على ” الحياة والإستمرارية” فبفضل “يحيى”بني أول بيت “بأمزدوغ”, ” يجهل تماما جغرافيته ” ص:6.سيتحول البيت إلى قرية،ثم إلى مدينة،هي ” أمزدوغ”/إفني”. كما نلاحظ أن الكاتب ،بدأ روايته بشخصية، ” يحيى” ،”وقف يحيى ليحفر قبر ابنه ” ص:5 وتنتهي فصولها بنفس العبارة.ص:263.فهو إذن الشخصية المحورية في الرواية والتي تفرعت منها ،باقي الشخصيات والأحداث.
تتمحور أهمية ،رواية ” سحابة وبحيرة ” في أنها رسمت لنا صورة،عن الأحداث التي أدت إلى تشكل. ” قرية أمزدوغ/إفني”.فقد استطاعت أن تتحول من ، ” خيمة” إلى ” مدينة”.ص: 147. وتطورت ليتم تشييد كثير من المرافق الهامة،لتتحول إلى مدينة.مثل: ( المسجد، الفندق،السوق،الإسطبل، المقبرة، السور…الخ.وهكذا بدأت ، ” أمزدوغ/إفني” ، محل أنظار الطامعين، الذين حاولوا مرارا وتكرارا غزوها والعبث ،بسكانها ونهب خيراتها، ولكن استطاعت ،أن تصمد ، بفضل روح مقاومة،أبنائها وصمودهم،وبفضل التحالف مع قبائل أخرى ” زعماء القبائل السبع”إستطاعت،” أمزدوغ/إفني ” أن تشبع الناس من جوع وتأويهم من خوف “.ص:251. كما نجحت الرواية في أن تنقل لنا،الذاكرة الإفناوية/الأمزدوغية،ممزوجة بعطر التاريخ،ورائحة الأساطيروالمعتقدات القديمة.وبذلك تصبح رواية،”محمد أنفلوس” “سحابة وبحيرة”بمثابة وسيط،بين الإنسان ،” الأمزدوغي/ الإفناوي”وماضيه وحاضره. ستضل”أمزدوغ/إفني” شامخة ،شموخ ،”جبل بولعلام ” الشاهد على بطولات أبنائها وتضحياتهم وكرمهم.
كما لا ننسى أن رواية، ” سحابة وبحيرة” تتسم بعدة خصائص فنية،من أسلوب واضح،وتنوع للأحداث والشخصيات والأماكن،وحوارات تكشف عمق نفسية أبطالها،كما أن تشابك الأحداث من ،واقعي وخيالي،أضفى لمسة فنية متميزة للرواية وأحداثها.
التعاليق (0)
التعاليق مغلقة.