تُنْسَى كأنك لم تكن
تُنْسَى كمصرع طائرٍ
ككنيسةٍ مهجورةٍ تُنْسَى
كحبّ عابرٍ وكوردةٍ في الليل
تُنْسَى
كأنك لم تكن شخصاً، ولا نصّاً
وتُنْسَى
لوحضر الشاعر محمود درويش معنا ليلة امس السبت لاعتذر لمنتدى أنزا للتواصل وتوثيق الذاكرة كإطار جمعوي – مدني جاء خصّيصاً لمقاومة النّسيان وتزييف الذّاكرة.. ذاكرة الحيّ كنواة اساسية لتاريخنا المحلّي في تقاطعاته الوطنية والإنسانية..
هي الرسالة التي وصلتنا شضاياها نحن- الحاضرين- أمسية الوفاء بالمركب الثقافي ج الحبيب بأنزا.. القلعة التي لا يأتي الحديث عنها دون أن يتبادر إلى ذهنك أسماء خالدة وفي احترام كبير في جدران القلب وصفحات الذاكرة..
هم الآن في طريق الخلاص حيث البصيرة تسابق البصر
لم يموتوا موتة عادية… بقدر ما أرغموا على الموت.. لأنهم من عسسّاق الحياة وبناة المستقبل الذي لا يعبّد إلاّ بخطوات مثل هؤلاء
هي الخطوات التي حاول المنتدى الانزواي إعادة إحياء إحدى شخصياتها المحورية في هذا الحيّ العمالي الفقيد الاستاذ محمد أخويبي بعد 32 سنة على رحيله لم يستطع النسيان أن يغيّبه من ذاكرتنا الوطنية والثقافية والحقوقية..
هكذا تكلّم رئيس المنتدى وكانّ بذلك يعيد ما قاله الشاعر البلغاري خريستو بوتيف :
( العظماء لا يستطيعون ان يموتوا )..
نعم.. غادرنا الجسد في غفلة منْا.. وبقيت روحه ممتدّة في تلامذته.. إلى أصدقاء المقعد والطفولة وبين هيئة الأساتذة والمحامين..بل وما زالت الدموع تذرف ببن جدران المنزل حين يذكر اسمه
بعد 32 سنة..
كأنّه عاد البارحة كي يستقبلنا على عتبة القاعة بابتسامته المعهودة وجسمه النحيف والمشبع بطاقة نضالية قل نظيرها، طاقة، ظل يختزنها في وجدانه طيلة حياته ومساره النضالي الحافل بالعطاء ونكران الذات،
كرمز فارق لجيل من المناضلين المخلصين لقضايا الشعب المغربي،
جيل، صارع وجادل وعانق الحلم والأمل كي يولد مغرب جديد
مغرب الحرية والعدالة والديمقراطية،
ولم تثن من عزيمته في الانتصار لقضايا الكادحين والفقراء ظلمات السجون ولا سياط الجلاد،
كان شاهدا وفاعلا في تلك الأحداث التي طبعت سنوات الرصاص من تاريخ مغربنا المعاصر سيرته كفاح ونضال وصمود واستمرارية في الدفاع عن المبدأ
هكذا حاول مخرج الشريط ان يقترب من مسار هذه الشخصية الإستثانية بعد أن تاه القارئ وسط تنوع وتعدد هذه الشهادات في حق الفقيد المرحوم محمد أخويبي..
بين قبعة المناضل التربوي والمربي الحنون..
وقبعة المناضل وسط القوات الشعبية صباحاً والعمّال كنقابي مساء..
بين العصامية والعبقرية.. ومن سواد السبورة إلى سواد بذلة المحامات.. كانت يداه ترتعد لحظة سماع أنين المقهورين والفقراء..
39 سنة سقف هذا المسار..
وككل العظماء والعباقرة والإستثنائيون يمرّون سريعاً لكنهم لا يرحلون.. لأنهم خصبوا الأرض والإنسان بهذا الأثر الخالد في الذاكرة والوجدان
يذهبون..
لكنّهم لا يرحلون..
هو درس تلك الأمسية الانزاويّة..
شكرا لرفاق الفقيد.. لتلامذته.. لرجالات المنتدى..
وبهذا الوفاء الباذخ لروح عبّدت لكم الطريق نحو الأمل.. أمل مغرب أكثر عدلاً وإشراقاً
يوسف غريب كاتب صحفي.