في الذكرى 56.. سيدي إفني تعيد رسم ملامح ملحمة التحرير والوحدة الوطنية

أخبار وطنية

agadir24 – أكادير24

يخلد الشعب المغربي، يوم 30 يونيو من كل سنة، ذكرى وطنية مجيدة تعيد إلى الأذهان ملحمة التحرير واستكمال السيادة، والمتمثلة في استرجاع مدينة سيدي إفني سنة 1969 من الاستعمار الإسباني، وهي محطة تاريخية ترمز إلى قوة التلاحم بين العرش والشعب، وإرادة الأمة في استرجاع أراضيها المغتصبة.

في مثل هذا اليوم قبل 56 سنة، انسحبت آخر الوحدات الاستعمارية من سيدي إفني، معلنة نهاية احتلال استمر لعقود، ومفتتحة فصلاً جديدًا من السيادة الوطنية الشاملة. وقد جسّد هذا الحدث انتصارًا سياسيًا ودبلوماسيًا وعسكريًا، جاء تتويجًا لنضالات شرسة خاضتها قبائل آيت باعمران، التي أبَت أن تستكين أمام محتلٍ غاشم، فخاضت مواجهات بطولية واحتضنت الفدائيين وقدّمت الشهداء في سبيل الأرض والعزة.

استرجاع سيدي إفني لم يكن حدثًا معزولًا، بل شكّل امتدادًا لمسار وطني طويل بدأ منذ توقيع معاهدة الحماية سنة 1912، واستمر عبر محطات نضالية متوالية، إلى أن تحقق الاستقلال في 1956، وتواصل بعده الجهاد الأكبر لتحرير ما تبقى من الأجزاء المحتلة. وقد كانت ملحمة سيدي إفني رسالة للعالم بأن المغاربة ماضون في الدفاع عن وحدة ترابهم بكل الوسائل المشروعة.

وعلى خطى هذه المرحلة، جاءت المسيرة الخضراء سنة 1975 كحلقة مفصلية أخرى في استكمال السيادة الوطنية، حين لبى 350 ألف مغربي نداء الملك الراحل الحسن الثاني، زاحفين في مشهد حضاري سلمي لتحرير الصحراء المغربية. هكذا تكرست الإرادة الوطنية مجددًا، وتعمّق الإيمان بعدالة قضية الوحدة الترابية.

واليوم، تواصل الأقاليم الجنوبية، بما فيها سيدي إفني، كتابة صفحات مشرقة من التنمية الشاملة. فقد تحولت هذه المناطق إلى محاور اقتصادية ناشئة ضمن استراتيجية الجهوية المتقدمة، التي يرعاها جلالة الملك محمد السادس نصره الله، من أجل تحقيق عدالة مجالية وتوزيع منصف للثروات.

وفي سياق هذه الذكرى، تحرص أسرة المقاومة وجيش التحرير على المشاركة الفعالة في تخليدها، وفاءً لروح الشهداء الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل الوطن، وتجديدًا للعهد بمواصلة الدفاع عن الوحدة الوطنية بكل تجلياتها، في وجه كل محاولات التشويش والتقسيم.

إن استحضار ذكرى استرجاع سيدي إفني ليس مجرد وقفة مع التاريخ، بل هو تحفيز للأجيال الجديدة على التشبث بالقيم الوطنية الأصيلة، والاعتزاز بما تحقق من منجزات، والاستعداد لمواجهة التحديات بروح نضالية متجددة.

سيدي إفني، التي كانت بالأمس رمزًا للصمود، تواصل اليوم لعب دورها كمكون أصيل في البناء الوطني، وكمحطة شاهدة على ملحمة استكمال السيادة الترابية للمملكة المغربية.