من يسمع إلى تدخل الفنان التشكيلي عبد الله أوريك على هامش الندوة الصحفية حول فعاليات الذكرى الستين لاعادة اعمار أكادير الاثنين الماضي.. وهو يتحدّث بحرقة عن إقصاء مجموعة من فنانين أبناء المدينة من المشاركة في هذه الاحتفالية الستّينية رغم محاولات الإتصال مع مسؤولي التظاهرة وبمختلف رتبتهم…
نعم بحرقة كبيرة كان يتحدث.. و بحيرة قلقة نتابع هذا الصوت الجريح الذي هو بالمناسبة ضمن الأطفال المنكوبين الذين احتضنتهم العائلات الأوروبية ليجد نفسه خارج البرمجة التى وضعت للاحتفال بمديتنه في ذكراها الستين بعد الزلزال هو وغيره من فعاليات المدينة… ليستنتج المرء هذا الفرق الجوهري بين فكلرة هذا الحدث الاستثنائي وبهرجته من جهة وبين عاش الحدث بكل ملابسات الجغرافية والاجتماعية والإنسانية ذاك أنّ الفنان عبد الله أوريك بمعية خيرة فناني المدينة قرّروا الاحتفال بالذكرى الستين للزلزال أكادير خارج برمجة السلطة ومجلسيها الجهوي والحضري عبر تنظيم رواق يتضمن لوحات.. منحوتات.. رسومات إلى جانب أفلام وثائقية ستعرض لأول مرّة.. من 28 إلى 02 مارس.. مهداة إلى روح الفنان العربي باباهادي أحد الأطفال الأكاديريين الذين تمّ إنقادهم بعد يومين تحت الأنقاض.. نعم ستنظم هذه الفعالية بقاعة غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالمدينة..
وقد يعتبر هذا الأمر عادياً في أن تتنوّع وتتعدّد هذه الإحتفالات من مختلف الإطارات الرسمية والمدينة.. باعتبار مدينتنا والوطن يسعُ للجميع…
لكن الغير العادي والخجل حد القرف هو أن يموّل هذا النشاط من جيوب هؤلاء الفنانين ومن مالهم الخاص في الوقت الذي تجد في الجهة الأخرى هذا السخاء حد الإسراف لتعويضات هنا وهناك..
وعلى سبيل الحصر ماهي القيمة المضافة لهذه السنفونية القادمة من سلا لإحياء حفل غلّف بالموسيقى الروحية وبما يفوق 70 مليون… ماماذا سيضيف هذا الاستاذ القادم من الرباط كي يتحدث عن دور السعديين وعلاقته بأكادير.. والحال أن آخر استاذ بالمدينة لن يكون أقل منه وبدون تعويض بل حبّاً لمدينته… ما القيمة المضافة لتخليد اسم مهندس فرنسيّ لإحدى البنايات.. و نمودج سينيما سلام كتحفة معمارية شاهدة على مرحلتي المدينة بل جزء من هذه الذاكرة التى يحتفل بها.. ألا يستحقّ محمد يحيى التفاتة بالمناسبة وهو أحد المساهمين في إعمار المدينة..
سقت هذه الأمثلة الحصرية – وما خفي أعظم – كي نقف عن هذه المفارقة لمؤسسة دستوري مشاركة ومساهمة في دعم التظاهرة الرسمية للاحتفال بالذكرى الستين وتطالب فنانوا أبناء أكادير بتأدية واجب كراء القاعة للاحتفال بنفس الذكرى..!!!
من العاقل فينا يملك أجوبة لهذه الموقف الغير المبرر على الإطلاق وخاصة إذا استحضرنا أن هذه القاعة نفسها تعطى حسب أمزجة مسؤوليها ومستوى العلاقات والمحاباة.. أو في بعض الحالات عبر مكالمة هاتفية لا تتعدّى ثانتين..لتعطى القاعة بالمجان.. ولأيام… لنجد هذا الاستقواء على أبناء المدينة من بعض أبناء المدينة حين يصلون إلى هذا الكرسي الوهمي…
إن حبّ المدينة هو الذي دفع بهؤلاء الفنانين وعلى رأسهم عبد الله أوريك… ولولو على حساب قوتهم اليومي.. هو نفس الحب الذي دفع بأبناء ( كوتي.. Goutier) المصور الأول بالمدينة وعاصر المرحلتين بالآلاف من الصور والأفلام الوثائقية وغيرها من التحف.. أبناؤه اليوم يأتون بكل هذا الأرشيف من فرنسا لإقامة معرض بالمعهد الفرنسي بمناسبة الذكرى 60.. بعد أن فشلوا من استصدار جواب المشاركة ضمن البرمجة الرسمية إثر مجموعة من المراسلات إلى الجهات المعنية..
هم أبناء المدينة آخرهم بلغ من العمر عتيّاً تحملوا عناء السفر وهيأوا معرضا من مالهم الخاص عربون محبة وتقدير واحترام لمدينة ولساكنتها.. لدروب احتضنت شغبهم ذات زمان.. لصداقات وعواطف راسخة في الذاكرة والوجدان…
هذا هو الفرق بين من يعتبر هذه الذكرى أحاسيس ومشاعر… وبين من ينتظر حقّه من الكعكة..
بل هو الفرق للأسف في جميع المجالات بالمدينة والجهة..
بقلم يوسف غريب
التعاليق (0)