تدخلت النقابة الوطنية للتعليم العالي بفرعها الجهوي بأكادير بقوة في قضية سمسرة الشواهد التي هزّت جامعة ابن زهر، وأسفرت عن اعتقال أستاذ جامعي وستة آخرين. وفي بيان شديد اللهجة، كشفت النقابة عن خفايا هذه القضية، مؤكدة أن “لجان تفتيش من وزارة التعليم العالي سبق لها وأن رصدت خروقات في الإشراف الأكاديمي بجامعة ابن زهر منذ 2018″، لكن هذه الخروقات لم تحظَ بالاهتمام الكافي من الوزارة الوصية آنذاك، والتي يرأسها حاليًا والي جهة سوس ماسة، سعيد أمزازي.
صراع على السمعة ومصير الجامعة العمومية
أعربت النقابة عن استنكارها لما وصفته بـ”الحملة الإعلامية الشرسة والمغرضة” التي تستغل القضية للتنديد العشوائي بالجامعة العمومية المغربية والأساتذة الجامعيين. واعتبرت النقابة أن هذه الحملة تهدف إلى “تبخيس مجهوداتهم، والطعن في شرفهم، ووصمهم الجماعي بالفساد”، في محاولة لتقديم صورة سلبية عن الجامعة المغربية وتحويل حالات معزولة إلى قاعدة عامة.
تحذيرات سابقة وصمت وزاري
ليست هذه هي المرة الأولى التي تدق فيها النقابة ناقوس الخطر بشأن هذه الممارسات. فقد أكد المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بجامعة ابن زهر – أكادير أنه كان “سباقًا في فضح هذه الممارسات المشينة منذ سنوات”، حيث أصدر بيانات عديدة حذرت فيها من الخروقات التربوية والتصرفات اللاأخلاقية، ونظم وقفات احتجاجية حاشدة. ومع ذلك، تشير النقابة إلى أن الوزارة الوصية والجهات المسؤولة “اختارتا دائمًا الصمت والتجاهل”، مما “فتح الباب أمام مزيد من التمادي والتمركز السلطوي غير المشروع”.
كما أشارت النقابة إلى أن لجان التفتيش التابعة لوزارة التعليم العالي رصدت منذ عام 2018 “خروقات متكررة في ماسترات معينة وطرق الإشراف الأكاديمي ومنظومات الانتقاء”، ورفعت تقارير مفصلة إلى الوزارة الوصية. إلا أن الوزارة “آثرت التحفظ على خلاصات تلك التقارير، ولم تُفعّل ما تتيحه القوانين من تدابير زجرية والإحالة على القضاء”. وهذا التعامل، حسب النقابة، “زرع الشك في نفوس الرأي العام الجامعي، وشجع قلةً على التمادي في ممارسات شاذة”.
مخاوف من التشهير وتصفية الحسابات
حذرت النقابة من خطورة “هذا الخطاب الإعلامي العدواني”، الذي قد لا يكون هدفه الحقيقة، بل “التشويه الممنهج لصورة الأستاذ الجامعي، وضرب مصداقية الجامعة العمومية في أفق تهيئة الأذهان للقبول بمسار خصخصة التعليم العالي بالمغرب”.
ونددت النقابة بـ”التشهير الجماعي المجحف” بحق آلاف الأساتذة الباحثين الشرفاء، مستنكرة “هذا الاستهداف الممنهج للجامعة ولأساتذتها”، وتطرح سؤالًا حول ما إذا كانت هذه الحملة “تمهيدًا ممنهجًا لتصفية الجامعة العمومية الملاذ المتبقي لأبناء الشعب الفقراء”.
كما أدانت النقابة “إقحام الجامعة في الصراعات السياسية والحزبية الضيقة”، ورفضت “تحويل الفضاء الجامعي إلى رهان انتخابي ظرفي”، مشيرة إلى أن توقيت هذه الحملة الإعلامية “يتزامن مع اشتداد حمى الصراعات الحزبية الضيقة ومحاولة تحويل الجامعة إلى ساحة للهيمنة وتصفية الحسابات السياسية على حساب سمعة الجامعة العمومية المغربية والمكانة الاعتبارية للأستاذ الجامعي”.
دعوات للمحاسبة وحماية الجامعة
حمّلت النقابة “الحكومات المتعاقبة والوزارة الوصية والجهات الإدارية مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، بسبب صمتها السابق وتواطؤ بعض المسؤولين مع ممارسات تم التحذير منها وإدانتها في مرات عديدة ومنذ سنوات”.
ودعت النقابة إلى “محاسبة كل متورط وفقًا للقانون من مسؤولين إداريين وأساتذة باحثين”، وحثت الصحافة الوطنية على “تحري الموضوعية والنزاهة والكف عن تغذية حملات التشويه والتضليل”. كما دعت جميع الأساتذة الباحثين إلى “رص الصفوف والتشبث بقيم النزاهة العلمية”، والوقوف “سدًا منيعًا في وجه كل أشكال الابتزاز والتشويه التي تستهدف الجامعة العمومية”، دفاعًا عن “كرامة الأستاذ الجامعي وضمانًا لحق أبناء الشعب في تعليم عالٍ مجاني وجيد”.
التعاليق (0)