فسحة رمضان مع العلم والاختراعات الحلقة -13- .. ابن النفيس وابتكار تحاقن الدم

Ibn Nafis كُتّاب وآراء

أكادير24 | Agadir24

شكل اكتشاف ابن النفيس للدورة الدموية في القرن 13، دفعة قوية لتقدم الطب في القرن 16. كانت كُتب ابن النفيس مرجعا أساسيا اهتم بها الباحثون في الطب خلال عصر النهضة الذي عرفته القارة الأوروبية. اهتم علماء هذه الحقبة بتعميق البحث في الدورة الدموية باعتبارها مفتاحا للعديد من الاكتشافات في جسم الإنسان، وفي طبيعة الدم الذي يسري في الشرايين وخاصياته. الطبيب الإنجليزي -ويليام هارفي- (William Harvey)، واصل أبحاث ابن النفيس إلى أن تمكن من تحديد عناصر الدورة الدموية بدقة سنة 1628. هذه الاكتشافات مكنته من تحديد طريقة اشتغال القلب كمضخة تشتغل بقوة العضلات لتوزيع الدم على جميع أنحاء الجسد. بعد وفاة الطبيب الإنجليزي، تابع أبحاثه الطبيب الإيطالي -مارسيلو مالبيري- الذي استطاع اكتشاف الحلقة الأخيرة في إتمام الدورة الدموية والمتمثلة في وجود شرايين شَعَرِية (vaisseaux capillaires) تربط بين النظام الشِّرياني (système artériel) بالنظام الوريدي (système veineux).

إتمام جميع الحلقات المتعلقة بالدورة الدموية، منذ اكتشافها من قبل ابن النفيس، فتح المجال للأبحاث حول إمكانية تحاقن الدم بين البشر لإنقاذ الأرواح. أول عملية لحقن الدم قام بها -جون دينيس- سنة 1667، حيث قام بحقن ليتر واحد من دم خروف في عروق رجل شاب. لكن الاعتبارات الطبية والأخلاقية، جعلت مثل هذه الأعمال تُمنع بشكل كلي. وكان على الإنسانية الانتظار حتى سنة 1900، ليكون تحاقن الدم بين البشر ممكنا نتيجة أبحاث النمساوي -لاندستينير- الذي اكتشف وجود أربع مجموعات من الدم. بعده جاء الطبيب التشيكي -جانسكي- الذي قام سنة 1910 بتسمية تلك المجموعات الأربعة من الدم ورتبها على الشكل التالي: A-B-AB-O. تطوُّر تحاقن الدم كان له دور كبير في الحفاظ على حياة الكثيرين خاصة خلال الحرب العالم الأولى.

الأبحاث حول تحاقن الدم المُخزَّن ستعرف أول تجربة في 1917. بعد ذلك سيعرف العالم العديد من الابتكارات متعلقة بخاصيات الدم، كفصيلة “+” و “-” التي كانت نتيجة أبحاث مشتركة بين ثلاثة أطباء سنة 1940. هذا الابتكار مكَّن أخيرا الأطباء من تفسير الحالات التي عرفت مضاعفات خطيرة نتيجة عملية تحاقن الدم حيث فصيلة الدم (Rhésus) لم تكن معروفة آنذاك. وفي سنة 1957، تمكن الأمريكيان -ستوكس- و-سمولينس- من فصل البلازما عن الكريات في الدم، وهو الابتكار الذي جعل عملية التحاقن تتم بدون مضاعفات وتكون نتائجها مضمونة بنسبة كبيرة.

نظام التنفس وعلاقته بالدم، اكتشفه الكيميائي الفرنسي -أونتوان لورون دو لافوازيي- سنة 1785. كما برهن على أن الهواء مكوَّن من الأوكسجين والآزوت. بمساعدة الرياضي -بيير دو لابلاس- سيبرهن الكيميائي الفرنسي على أن جزءا من الأوكسيجين يختلط بالدم في الرئة لضمان احتراق الكربون، فيما يختلط جزء آخر من الأوكسيجين بالهيدروجين لتكوين الماء الذي يتم إخراجه في عملية التنفس.

لقد شكل اكتشاف الدورة الدموية من قبل ابن النفيس، عاملا أساسيا لإطلاق سلسلة من الأبحاث ساهم فيها العديد من الباحثين في العالم وعبر العصور، وكانت نتيجتها الكثير من الابتكارات التي ساهمت في علاج المرضى وإنقاذ الكثير من الأرواح.

       سعيد الغماز

 

 

التعاليق (0)

اترك تعليقاً