الروبوتات يمكن أن تتخذ عددا من الأشكال. قد يشبه الروبوت الإنسان أو يكون على شكل تطبيق آلي، مثل أتمتة العمليات الروبوتية، والذي يحاكي كيفية تفاعل البشر مع البرامج لأداء مهام متكررة قائمة على قواعد محددة. هذا ما قام به الجزري بروبوت أسماه “نافورة الطاووس” حيث قلد حركات الإنسان وجعلها تتم عن طريق روبوت يعمل بشكل آلي. من جهة أخرى يقوم الروبوت على أساس قاعدتين: تقنية الحركة الذاتية والذكاء الاصطناعي، وهو ما يعكسه روبوت الجزري الذي يتحرك بشكل آلي ويستعمل الذكاء في تحديد أوقات الصلاة. وقد احتار العلماء في معرفة الكيفية التي يعتمدها هذا الروبوت في تحديد أوقات الصلاة بشكل تلقائي.
الروبوت هو آلة قادرة على القيام بأعمال مبرمجة سلفا، إما بإيعاز وسيطرة مباشرة من الإنسان أو بإيعاز من برامج حاسوبية. لكن التطورات التي تعرفها الأبحاث في الروبوتات في القرن الحالي، جعلت هذا التعريف يتطور هو الآخر ليصبح الروبوت آلة تعمل من خلال استشعار محيطها لتتمكن من الوصول إلى إجراءات واتخاذ قرارات تنفذها في العالَم الحقيقي.
يعود أصل كلمة روبوت إلى اللغة التشيكيّة وبالضبط كلمة “روبوتا” التي تعني الجهد أو العمل الشاق. وظهرت كلمة الروبوت لأول مرة في عمل مسرحي للكاتب التشيكي -كاريل تشابيك-، الذي استخدم المصطلح في مسرحيته عام 1920. لكن في الأربعينيات من القرن الماضي، نسب قاموس أوكسفورد الإنجليزي الفضل في ظهور مصطلح الروبوت إلى مؤلف الخيال العلمي إسحاق عظيموف لكونه أول شخص يستخدم هذا المصطلح. ففي واحدة من قصص الكاتب الأمريكي الروسي الأصل الصادرة عام 1942م، تحدث عن الروبوت كوسيلة لخدمة الإنسان. اقترح عظيموف في كتابه، ثلاثة مبادئ لتوجيه سلوك الروبوتات المستقلة والآلات الذكية:
– يجب ألا تُؤْذي الروبوتات البشر أبدًا.
– يجب على الروبوتات اتباع تعليمات البشر دون انتهاك القاعدة.
– يجب على الروبوتات حماية نفسها دون انتهاك القواعد الأخرى.
وقد ظلت قوانينه الثلاثة للروبوتات قائمة حتى يومنا هذا. ومع ذلك، لم يتم إنشاء أول روبوت قابل للبرمجة إلا بعد عقدين من الزمن في سنة 1961، يسمى يونيمايت (Unimate). وفي عام 1966، تبعه روبوت معهد ستانفورد للأبحاث الذي أُطلق عليه اسم “شاكي”، وهو أول روبوت متنقل، وذلك بفضل البرامج والأجهزة التي مكنته من استشعار البيئة حوله واستيعابها، وإن كان بقُدرة محدودة. كان هذا الروبوت متقدما جدًا عن الروبوت يونيمايت، وقد سُميّ باسم شاكي (Shakey) لحركاته المُبعثرة والمتذبذبة نتيجة قدرته على الاستجابة لمحيطه وبيئته، وحتى المحيط غير المألوف له، وقدرته على التجول وملاحظة الأشياء بعينيه.
شهدت الروبوتات في النصف الثاني من القرن العشرين تقدما كبيرا، وذلك بسبب التطورات التي شهدتها التكنولوجيا بعد اختراع الترونزيستور وتطور علوم الكمبيوتر خاصة الإعلاميات. وفي القرن الواحد والعشرين ستعرف صناعة الروبوتات نقلة نوعية مع تطور الرقمنة وظهور علم الذكاء الاصطناعي. لقد أصبحت الروبوتات في هذه الفترة قادرة على أداء المهام بشكل مستقل، وأصبح الطموح الإنساني يمتد إلى محاولة تطوير الروبوت ليتمكن من تجاوز مرحلة الروبوت المُبرمج سلفا، إلى الروبوت القادر على التفاعل الفعلي مع الإنسان وتطوير قدراته بشكل تلقائي، ولما لا الوصول إلى روبوت يتمتع بأحاسيس وشعور مثل الإنسان، يفرح يغضب يضحك يبكي يقلق إلى غيرها من الأحاسيس الإنسانية.
وما زالت صناعة الروبوتات تشهد تطورات مستمرة في الوقت الحالي، وذلك بهدف جعلها أكثر ذكاء وقدرة على أداء المهام بشكل أكثر استقلالية تحاكي الفعل الإنساني.
يتكون الروبوت من عدّة مكونات يمكن تلخيصها في ثلاث مكونات: المُعدات، المستشعِرات (Capteurs)، وجهاز الكمبيوتر أو الشريحة الذكية. ويُستخدم الروبوت في العديد من المجالات كالمطاعم، ومساعدة المسنين، وفي الطب، والتعليم، والمصانع وغيرها.
علم الروبوتات هو مجال متعدد التخصصات في العلوم والتكنولوجيا، يرتكز على تصميم وإنشاء وبرمجة الروبوتات. فهو يجمع بين المعرفة من مختلف المجالات، بما في ذلك علوم الكمبيوتر، والهندسة الميكانيكية، والهندسة الكهربائية، والذكاء الاصطناعي.
عندما نتحدث عن الروبوت فهذا لا يعني بالضرورة تلك الآلة الذكية التي صُنعت على شكل إنسان بأطرافه الأربعة. وإنما يمكن للروبوت أن يتخذ أشكالا مختلفة تأخذ شكل ذراع آلية، أو هيكل خارجي آلي، أو آلة مصمَّمة لأداء دور في الصناعة. ويجمع بين تلك الأشكال الحركة الذاتية والذكاء الاصطناعي. دخل الروبوت لأول مرة في الإنتاج الصناعي سنة 1961 حين استخدمت جنيرال موتورز أول روبوتات صناعية في مصانعها. فبدأ الذكاء يتطور في الروبوتات إلى أن استطاع الروبوت “ديب بلو” من هزم لاعب الشطرنج الأسطورة -غاريغ كاسباروف- سنة 1997. حينها شرع العالم في الحديث عن إمكانية تفوق الروبوت على الذكاء الإنساني. لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أصبح بإمكان الروبوتات أن تحصل على جنسية بعض البلدان كالروبوت صوفيا التي حصلت على الجنسية السعودية. ويُعتبر الروبوت أسيمو(Asimo) ) الأغلى سعرًا في العالم. لكن هذا التطور في صناعة الروبوتات لا يمكن أن يخفي بعض الأعراض الجانبية للبشرية اتجاه الروبوتات كالروبوفوبيا Robophobia)) وهو اضطراب وقلق يشعر فيه الشخص بالخوف الشديد من الروبوتات.
نعم ستتطور الروبوتات، وسيتأثر هذا التطور بالطموح الإنساني ونظرته لهذه التكنولوجيا الذكية. ويكفي أن نشير في هذا الاتجاه العمل الذي يقوم به -إيلون ماسك- صاحب شركة تيسلا، الذي يُحذر من قدرة الروبوتات على تجاوز الذكاء الإنساني، وله مقولة شهيرة حول الذكاء الاصطناعي “إذا كنا لا نستطيع التغلب على الذكاء الاصطناعي، فمن مصلحتنا التعامل معه”. على هذا الأساس أنشأ شركة “سبايس إكس” التي تعمل على المزج بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي من خلال شريحة ذكية توضع في غشاء المخ ليصير الإنسان قادرا على استعمال الذكاء الاصطناعي إلى جانب ذكائه البشري… نعم ستتطور الروبوتات ولا يحد تطورها سوى قدرة الإنسان على الابتكار والاختراع.
سعيد الغماز
التعاليق (0)