تواجه ساكنة إقليم طاطا، كل صيف، معاناة مضاعفة في ظل غياب أبسط وسائل الترفيه، وعلى رأسها المسابح العمومية، وذلك في وقت تتجاوز فيه درجات الحرارة بالإقليم حاجز 45 درجة مئوية.
ويعاني الإقليم، الذي يمتد على مساحة تزيد عن 25 ألف كيلومتر مربع ويضم 20 جماعة ترابية، من غياب شبه تام للبنيات التحتية الترفيهية، في ظل محدودية المبادرات الرسمية، وتراجع مؤشرات التنمية، واستمرار نزيف الهجرة، لا سيما في صفوف الشباب.
هذا الوضع المتأزم دفع عددا من الفاعلين المدنيين والجمعويين إلى دق ناقوس الخطر، خاصة في ظل تكرار حوادث الغرق في الوديان والصهاريج، التي باتت تشكل ملاذا خطيرا للأطفال والشباب الباحثين عن أي وسيلة للتخفيف من وطأة الحر.
انعدام البدائل
لطالما شكلت الوضعية المتدهورة التي تعرفها البنيات الترفيهية في إقليم طاطا مصدر شكوى للساكنة، حيث لا يتوفر سوى على مسبح عمومي واحد بمدينة طاطا، يعود بناؤه إلى فترة الاستعمار، وكان في السابق المتنفس الوحيد للساكنة قبل أن يتوقف عن العمل في السنوات الأخيرة، مما زاد من معاناة السكان.
وبحسب فاعلين مدنيين، فإن أحد الأسباب الرئيسية وراء إغلاق المسبح البلدي بطاطا، يعود إلى غياب جهة واضحة لتدبيره، في ظل تماطل المجلس الجماعي المحلي في اتخاذ قرار حاسم، رغم تلقيه مقترحات من مقاولين شباب أبدوا استعدادهم لتولي مهمة التسيير والتشغيل.
وأكد هؤلاء الفاعلون أن المرافق الأخرى المتوفرة لا تتعدى بعض المسابح الخاصة التابعة لوحدات فندقية وسياحية، وهي غير متاحة لغالبية السكان بسبب تكلفتها المرتفعة مقارنة مع دخل الأسر البسيطة بالإقليم.
وتجمع مكونات المجتمع المدني على أن غياب فضاءات عمومية للترويح في فصل الصيف يضع الأسر أمام خيارات صعبة، بين ترك أبنائها يواجهون مصيرهم في المياه العشوائية، أو احتجازهم داخل منازل إسمنتية تفتقر لأي متنفس.
مطالب ملحة
في ظل هذا الواقع المقلق، وجه عدد من أبناء إقليم طاطا نداء عاجلا إلى الجهات الوصية من أجل التدخل الفوري لإعادة تأهيل المسبح البلدي بطاطا، الذي ظل لسنوات المتنفس الوحيد للساكنة، قبل أن يتوقف عن الخدمة.
وإلى جانب ذلك، طالب هؤلاء بإحداث مسابح جديدة في مختلف الجماعات الترابية بالإقليم، على أن تراعي هذه المشاريع مبدأ العدالة المجالية وتستجيب لحاجيات السكان المتزايدة، خصوصا في ظل التغيرات المناخية القاسية التي تعرفها المنطقة.
وجدد الفاعلون المدنيون دعوتهم إلى دعم الجمعيات المحلية التي تنشط في مجالات الترفيه والتخييم، عبر تمكينها من الموارد المالية واللوجستية الكفيلة بتنظيم أنشطة صيفية بديلة وآمنة للأطفال والشباب، إلى جانب توفير وسائل نقل مجانية أو مدعمة لفائدة أطفال القرى والمناطق النائية، لتمكينهم من المشاركة في مخيمات المدن الشاطئية خلال العطلة الصيفية، أسوة بأقرانهم في المناطق الأخرى.
وأكدت هذه الأصوات أن تأمين الحق في الترفيه والعيش الكريم يجب أن يكون جزءا من السياسات العمومية الموجهة للمناطق المهمشة، في انتظار صيف لا يهدد فيه العطش والحرارة أرواح الأبرياء بطاطا، ولا تختزل فيه الطفولة في البحث عن جرعة ماء أو ظل واد محفوف بالمخاطر.
التعاليق (0)